بالزاوية!: «وأما الزبد...»!؟

قيل الكثير في سنوات الأزمة، و كثير من الحبر لوث بياض الورق، و دخل كل شيء في بازار المماحكة والسفسطة الإعلامية.. وخرج علينا في هذه السنوات نسق من كتاب الزوايا والأعمدة، واليوميات، وإعداد البرامج، وصفحات التواصل،

أشبه بطواحين كلام، لم يتركوا كلمة في القواميس إلا وتم توظيفها، مصادرهم «مؤكدة» دائماً، لدرجة يظن المرء أنهم قادرون على كشف الغيب، وقد رفع عنهم الحجاب، فعندهم فقط الخبر اليقين عن هذا اللقاء أو ذاك، عن هذا المؤتمر/ الاجتماع/ اللقاء أو ذاك، يفسرون موقف هذه الدولة أو تلك وكأنهم يجلسون دائماً إلى جوار زعيمها، قادرون على فك شيفرة تصريحات هذا الدبلوماسي أو ذاك، حاضرون في كل مكان، أو كأن كل المحاضر السرية بين أيديهم، وكأن كل الأبواب مفتوحة لهم، من الكرملين إلى الاليزيه، مروراً بالبيت الأبيض، يحددون أمكنة عقد فعالية ما وزمانها، وعليه قد تصبح «جنيف» «موسكو»، و«موسكو» «دمشق» أو «القاهرة»، وقد تتغير صيغة ووظيفة نشاط دولي فيتحول اللقاء التشاوري إلى مؤتمر، وتصبح مجرد أفكار «مبادرة»، فكل شيء مباح، وكل شيء ممكن أليس ما يجري مجرد «لعبة أمم»؟ 
وإذا تغيرت اتجاهات الرياح فلا بأس، هناك ما يكفي من الذرائع لتدوير الزوايا على طريقة «النخبة اللبنانية»، ويمكن التبرؤ بـ «هدوء» مما قيل يوم أمس، وربما الحديث في سياق جديد، ومقاربة جديدة، دون دفع كفّارة إثم سابق. 
من فضائل الأزمات - رغم كل مرارتها - أن الوقائع تأتي متسارعة بحيث لاتنفع أية فصاحة وبلاغة في إخفاء «خيوط اللعبة» طويلاً، في الأزمات يموج الحقل الاجتماعي كما الحقل الطبيعي، فيخرج من القاع ما تراكم في حالة الجزر، في الأزمات وحيث تنزف الدماء من المفروض أن يتمسك الإعلامي بالمسؤولية المهنية والأخلاقية كما يقبض على الجمر،  في الأزمات يصبح حبل المواربة والتدليس أقصر مما تتوقعه طواحين الكلام. وما ينفع الناس فقط يمكث في الأرض، أما الزبد..