حكايات مارفل
يبدو أنه جرى استخدام حكايات مارفل الخيالية على نطاق واسع عالمياً من أجل التشويش والتأثير في الوعي على نحو ما يريد مبتكرو فكرتها، خاصة في مجال استبدال الرموز الوطنية والشعبية في أذهان الناس بشخصيات أخرى مصطنعة.
قصة فيلم السائق الشبح «Ghost Rider» للمخرج مارك ستيفن جونسون، واحدة من هذه القصص المبنية على قصص مارفل الخيالية، وهذه الأخيرة كانت عبارة عن مجلات مصورة في خمسينيات القرن الماضي، ما لبثت أن تحولت إلى شركة كبرى للنشر، ثم لاحقاً إلى أفلام سينمائية أبطالها الرئيسيون شخصيات خارقة وهمية من أمثال الرجل الوطواط والرجل العنكبوت.. الخ.
يحكي الفيلم، الذي قام بدور البطولة فيه نيكولاس كيج، في شخصية جوني بليز، قصة بطل خارق، ويضج بمشاهد الإثارة وأفكار الفانتازيا والمغامرة، تعتمد الدراما فيه على مشاهد الرعب الهوليودية القاسية كالمعتاد، تتعاقد شخصية جوني بليز مع الشيطان القادم من العالم «الما ورائي» ويتحول إلى وحش خارق، يعاقب ويلاحق المجرمين والخاطئين بالموت بسلسلته النارية.
«الأساطير تصبح حقيقة»
يقول راوي الفيلم في الجزء الأول منه: «يقال إن الغرب قد بني على الأساطير وبعض القصص تجعل الأشياء عظيمة ومن الصعب تصديقها، هذه هي أسطورة السائق الشبح، ففي كل جيل يظهر شخص ليجمع اتفاقيات الشياطين من أنحاء العالم ويعقد صفقات مع الأرواح الشريرة. والمؤكد حول الأساطير أنها في بعض الأحيان تصبح حقيقية».
يعلم منتجو الفيلم أن كلمة «شيطان» تدل على الشر والأعمال السيئة في الوعي الجمعي للشعوب، ولذلك لم يبخل أصحاب هوليوود في النبش في الديانات القديمة والجديدة وحكايات مارفل الخيالية تلك، للحصول على أفكار مماثلة تخدم مصالحهم.
جرى تثبيت فكرة أن الشيطان رمز للشر في الجزء الأول الذي أنتج عام 2007، فصرفت مبالغ طائلة على مشاهد دموية خيالية - كلف الفيلم 57 مليون دولار وحقق أرباحاً وصلت إلى 138 مليون دولار- رغم سخافته من الناحية الفنية، من أجل تمرير فكرة أو صورة سينمائية لعدة ثوان فقط في رسالة سياسية مركبة وغير مباشرة إلى المشاهد، وكان إنتاج الجزء الثاني من الفيلم عام 2011 فقط لتثبيت الفكرة في تلك الثواني.
الشيطان الأكبر
في منتصف الجزء الثاني من الفيلم يقول الراوي: «لماذا يتجول الشيطان في هيئة بشرية بأية حال؟ لا أدري السبب، ربما لا يدري هو أيضاً، فهو ربما ينتقل فحسب من جسد إلى آخر ماراً بالأزمنة لانتقاء الاختيار الأمثل لكني أعرف أمراً واحداً أنه ضعيف على الأرض، سيطرته محدودة، أنه بحاجة إلى رسل لتنفيذ مخططاته لكي يعثر عليهم أو يصنعهم يستخدم أفتك الأسلحة سلاح عقد الصفقات!!».
خلال هذا الحديث يتم تمرير مجموعة صور بسرعة كل صورة لمدة ثانيتين وهي صور أشخاص ورسومات لأشخاص من أزمنة مختلفة وبينها صورة ستالين!!. يربط المشهد بين ستالين والشيطان، ليثبت في عقل المشاهدين فكرة أن ستالين هو الشيطان دون عناء يذكر، معتمداً على قوة الصورة والإيحاء الذي يفعل فعله في العقل الباطن.
هنا يطرح سؤال مهم نفسه: لماذا جرى إحياء فكرة الفيلم والعودة إليه بالذات في عام 2011، ربما يبدو للبعض أنه فيلم سينمائي بريء، لا علاقة له بالسياسة والصراع السياسي العالمي. ولكن توقيته يظهر شيئاً آخر.
ظهر هذا الجزء في فترة اشتداد الأزمة الرأسمالية العظمى وظهور الحركات الشعبية في العالم، فكان لا بد من تشويه النماذج الثورية والشخصيات المرتبطة بهذه النماذج في أذهان الناس والجماهير التي بدأت تنزل إلى الشوارع. وجاء توظيف حكايات مارفل في مثل هذه الأفلام المتقنة على هذا الأساس لتخلق وهماً في وعي هذه الجموع يربط الشيطان بستالين أو ربما أشخاص آخرين، ولكن تبقى أمريكا الشيطان الأكبر في العالم، يثبت ذلك ويؤكده بوضوح تجارب شعوب العالم معها.