«نادي القتلة».. وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية
صدرت عن دار الطليعة الجديدة مؤخراً الطبعة الثانية باللغة العربية من كتاب «وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية - نادي القَتَلَة» للصحفي مايكل أوبرسكالسكي، وتعريب عبادة بوظو، ويقع في 257 صفحة من القطع المتوسط.
يتناول الكتاب بشكل أساسي كما جاء في مقدمة الطبعة الثانية منه، حقبة الحرب الباردة وما تلاها، حتى الحرب على يوغسلافيا وحرب الخليج الثانية، حيث كانت الأدوات الاستخبارية، السرية والعلنية، هي الوسائل الأكثر شيوعاً لدى الإدارات الأمريكية المتعاقبة في تحييد الخصوم، وحتى القضاء عليهم، قبل أن يصبح التدخل العسكري الأمريكي الأداة المباشرة في تنفيذ السياسة الأمريكية، ومتطلبات الحفاظ على «التفوق» والهيمنة «الدولارية» الأمريكية، ويتحول دور أجهزة الأمن والاستخبارات إلى عنصر لوجستي داعم، في معظم الحالات، لا أكثر، للعمليات العسكرية التي تنفذها «البنتاغون»، والتحولات التي طالت تلك الأجهزة، والتغييرات التي أدخلت على صلاحيات بعضها، كما جرى في أعقاب سيناريو تفجير برجي التجارة العالمية في نيويورك، وكان الهدف منه تحويله لمنصة انطلاق لاكتساح العالم عسكرياً من واشنطن، وصولاً إلى فترة ما يسمى بـ«الربيع العربي»، حيث استعادت فيها الأجهزة الأمنية والاستخبارية الأمريكية دورها البارز مجدداً، في دعم أدوات «الفاشية الجديدة»، ولكنها تعثرت مع باقي أركان المؤسسة الأمريكية، في ملف الأزمة السورية العاصفة، لكونها المنعطف الذي بدأ يظهر معه تبلور ميزان القوى الدولي الجديد، بما يعنيه من تجاذبات لتثبيته وتظهير نتائجه.
ويقدم الكتاب عبر فصوله وأقسامه، حسب مقدمة طبعته الأولى، رصداً تاريخياً لتركيبة المجتمع الاستخباراتي الأمريكي وضرورات نشأته، وأساليب عمله، وكيف أحكم قبضته في السلطة التنفيذية داخل الولايات المتحدة الأمريكية ومؤامرات ذاك «الوحش»، الذي شارك في رسم خرائط الحكم السياسي في بلدان العالم الثالث، وساهم بإزاحة شخصيات وطنية أو تقدمية بارزة عن واجهة العمل السياسي.
كما يقدم مدخلاً لفهم استراتيجية الإمبريالية الأمريكية من خلال بعض مظاهر ما يسمى النظام العالمي الجديد، والأدوات التي استخدمتها في منطقة الشرق الأوسط، وتحليل كيفية إدارة الصراعات متوسطة أو منخفضة الحدة، وتقديم أوجه الدعم للأنظمة العميلة والديكتاتورية والرجعية من خلال مبدأ «دعم الديمقراطية» وتنفيذ هذه السياسة في مختلف مناطق العالم الأخرى. ثم يقدم الكتاب معلومات هامة وتحليلاً مفصلاً عن تاريخ الاستخبارات الأمريكية وعلاقتها بالمجمع العسكري الأمريكي ويستعرض الكثير من عملياتها وتدخلاتها السياسية وحتى العسكرية في العالم كله.
يتحدث الكتاب عن الأزمة العميقة التي يعانيها جهاز الاستخبارات الذي اصطدم بمفهومه، فبات يبحث عن أعداء له ويخترع صوراً لهم، بعد أن سقط أعداؤه التقليديون في إطار نظام المواجهة بين كتل القوة. ويقوم بالتجسس لأهداف اقتصادية مستخدماً مراكز البحث والإعلام الجماهيري لتنفيذ خططه، بعد بسط سيطرته عليها من خلال التمويل وزرع عملائها في هيئات تحرير الصحف والمنابر الإعلامية. وفي النهاية يقدم الكتاب دراسة حالات كثيرة خاصة في كثير من مناطق العالم.
وحسب مقدمة المترجم فإن كل ذلك يجري تقديمه كما هو، وضمن قوالب موثقة وغير مقتطعة من سياقها، ضمن جهد معرفي من الكاتب اليساري الألماني مايكل أوبرسكالسكي، جهد يحتفظ براهنيته، ويبقى بعيداً عن التشويق أو الترويج المجاني والمثير للتعاطف بالصيغة الهوليوودية، بل بالاستناد إلى مجموعة مصادر واسعة وهامة.