عالم جديد.. ثقافة جديدة
بعيداً عن التفاؤل الكاذب وبيع الأوهام لأحد، يمكن لمن يتابع المشهد ويعرف قراءة الخريطة أن يرى ضوءاً في آخر النفق المعتم، رغم ما نشهده من حروب وويلات في هذا الجحيم الأرضي.
في ظل هذا المشهد الدموي، حيث يموت الإنسان جسداً وروحاً في كل ساعة، يطرح السؤال عن عالم بديل، عالم جديد لابد أن يتشكل، عالم لايباع فيه دم الانسان و يشترى، عالم لايكون فيه كل شيء مسلعاً خاضعاً لقوانين السوق وهمجيته، تستنفر فيه الجيوش، وتقام القواعد العسكرية، وترسل الأساطيل، إذا خسرت شركة، أو أفلس بنك، أو حاول أحداً إزاحة الدولار عن عرشه كما يحدث الآن..!
كل هذا الجنون العسكري هو نتاج تراجع منظومة حاولت الاستئثار بالقرار العالمي، ولم تفلح كونها خالفت قوانين تطور المجتمع الإنساني والطبيعة، وكونها لم تستطع تلبية حاجات البشر، حاولت الاستثمار في الدم البشري، وفي الطبيعة ووصل بها الجنون إلى أن تقود معها عربة البشرية إلى الهاوية..
العربدة العسكرية ليست دليل قوة بالمطلق، ونفخ الروح في جثة الفاشية ما هو إلا تعبير عن عجز في تسويق المشاريع، وتوكيل قوى دينية تعيش خارج التاريخ في إنهاك العالم دليل إفلاس أخلاقي بعد الإفلاس المالي..
العالم الجديد القادم له منظومته الثقافية، انعكاساً للمنظومة الاقتصادية الاجتماعية الأساس، يكون الإنسان فيه سيد نفسه متحررا من كل أشكال القهر، والعنف والخوف، ثقافة تسخر منجزات العلم والحضارة في خدمة الإنسان، لاتحجبها عنه عندما تشاء مصالح الرأسمال، ثقافة قائمة على الروح الجماعية والتواصل الانساني، العابر للحدود والأعراق والمذاهب والطوائف..
سيتنطع الكثيرون من الجهلة هنا وهناك، ويتهمون أصحاب هذا الرأي بالطوباوية، ليكن! .. كل أصحاب المشاريع الحقيقية عبر التاريخ اتهموا إما بالجنون أو الإلحاد أو .. لكم «عقولكم» تنعمون بها، ودعوا لنا «جنوننا»
بقي ان نقول: اذهبوا في طريقكم وستتبعكم كل بضاعتكم، وملحقاتكم وكل من قلدكم وتشبّه بكم، واحتمى بجيوشكم، وحتى من ادّعى خصومتكم أحياناً وكان نسخة مشوهة عنكم.