تابعوا «المؤامرة».. على «سي إن إن» أيضاً!!
تناول برنامج «The Lead» على CNN، في إحدى حلقاته التي عرضت مؤخراً، قيام حركة «9/11 Truth»، بتوزيع كتيب جديد من إصدارها عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر يحوي إثباتات علمية تناقض الرواية الأمريكية الرسمية عن تلك الأحداث. ولا تزال ردود الأفعال الغاضبة على طريقة تعاطي القناة مع المجموعة المعارضة المذكورة مستمرة حتى حينه، وذلك عبر جملة من المقالات ومقاطع الفيديو الساخرة المنشورة على يوتيوب، والبرامج الإذاعية على إذاعة«Free Revolution» على الإنترنت.
وربما تكون الدراسة المنشورة في موقع غلوبال ريسيرتش الكندي يوم السادس والعشرين من الشهر الفائت تحت عنوان «صحافة CNN الصفراء: اللغة الأورويلية المخادعة»، هي أحدث التفاعلات مع القضية، ولكنها ليست التفاعل الأخير بالتأكيد.
«سقوط حر..»
تأسست حركة «9/11 Truth» أواخر عام 2004 كاستمرار لجملة من التحركات الرافضة لنتائج التحقيق الذي أجرته الحكومة الأمريكية حول أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، والذي صاغ الرواية الرسمية الأمريكية المعروفة حول «الجهاديين والقاعدة».
وبتطور هذه الحركة وتوسعها، ضمت إلى صفوفها مجموعة من العلماء استطاعوا إثبات نظرية الحركة حول تفجير قواعد برجي التجارة، مستندين في ذلك إلى الزمن الذي استغرقته عملية تهافت كل من البناءين، والذي يثبت أن ما جرى هو عملية «سقوط حر» ناتجة عن انهيار أساسات البناء، وهو ما لا يمكن أن تسببه الطائرتان..
واستكملت الحركة استنتاجاتها العلمية باستنتاجات سياسية تقول بأن الحكومة الأمريكية هي المسؤلة عن انهيار/تفجير البناءين لتستخدم هذه «المجزرة» ذريعةً لاحتلال العراق وأفغانستان، ولتستخدمها أيضاً في «الضغط على الحريات داخل الولايات المتحدة»، وهذه الاستنتاجات السياسية ليست جديدة بالنسبة للحركة، ولكن الجديد في كتيبها الأخير هو الإثبات العلمي المبسط استناداً إلى «السقوط الحر» للبناءين، الأمر الذي استفز CNN إلى الحد الأقصى..
يصف مقدم البرنامج جيك تابر نشطاء حركة «الحقيقة 11/9» بأنهم «مجموعة من المهووسين بنظريات المؤامرة» وأما ما يقومون به فهو «إهانة لضحايا الهجمات ولأسرهم»، ويستعرض رواية «المهووسين» عن الهجمات بوصفها قصة كاذبة دون أن يكلف نفسه الخوض في أيٍ من تفاصيلها، إلى جانب استعراضه الرواية الرسمية. حيث يظهر على يسار الشاشة كتيب «9/11 memorial» الذي يتضمن الرواية الرسمية، وعلى اليمين كتيب «9/11 Truth» الذي أصدرته الحركة المعارضة مؤخراً والذي يشابه في تصميمه الكتيب الرسمي، قائلاً: «إلى اليسار ستجد الرواية الحقيقية، وإلى اليمين: أهلاً بك إلى الرواية الأخرى، الرواية الخاطئة بالتأكيد»، بهذه البساطة! وبطريقة تقريرية إملائية تشبه تلك التي اعتدنا عليها في الإعلام العربي يقرر المقدم أنّ الرواية الأخرى خاطئة بكل تأكيد..! لماذا؟! لأنها ليست الرواية الرسمية!!
الكذب خبز «الرسميين»
ما أثار أكبر قدر من السخط على البرنامج هو مداخلة إميلي بازيلون رئيسة تحرير «Slate Magazine» والتي استضيفت عبر الأقمار الصناعية للتعليق على الحدث. حيث فسرت إميلي الموضوع على الشكل التالي: «يسعى هؤلاء (نشطاء الحركة) إلى التهرب من دفع الضرائب المترتبة عليهم، ولذلك فإنهم يحاولون خلق قصة من لا شيء ليهاجموا الحكومة عبرها ويصلوا إلى غايتهم، أو أن لدى هؤلاء أو قسم منهم مشاكل نفسية وحباً للظهور»!!
تكشف الطريقة التي تعاملت بها «سي إن إن» مع حركة «احتلوا» سابقاً، والطريقة التي تتعامل بها حالياً مع حركة (11/9 الحقيقة)، أنّ مقولات «المؤامرة» المبسطة، ليست حكراً على «إبداعات» الإعلام الرسمي العربي (الإبداعات التي تحوّل كل شيء إلى مؤامرة كما فعل الإعلام في مختلف بلدان المنطقة التي حولت الأحداث إلى مجرد مؤامرات، أو التي تنفي وجود أية مؤامرة كما فعلت الجزيرة القطرية والعربية السعودية)، وإنما تلجأ إليها أيضاً أهم الشبكات الإعلامية الأمريكية الرسمية حين تقارب الأزمات والمشكلات الداخلية من وجهة نظر السلطة السائدة.
وبالنتيجة يظهر الإعلام الأمريكي (المتطور تقنياً ومعرفياً) إعلاماً رسمياً ساذجاً، كأي إعلام رسمي آخر.. ما يدفعنا إلى القول بأن المشكلة الجوهرية ليست في أن الإعلام شرقي أو غربي، إعلام دولة متخلفة أم دولة متقدمة، ولكن المشكلة الجوهرية هي في كون الإعلام رسمياً، وفي كون الكذب والاستهتار بالناس خبز «الرسميين» بمعظمهم، وملحهم أيضاً!!