«يوم في بولونيا الشعبية»

«يوم في بولونيا الشعبية»

يتناول «يوم في بولونيا الشعبية» أحداث يوم عادي مفترض في جمهورية بولونيا الشعبية، عندما كان حزب العمال البولوني الموحد في دفة الحكم، من خلال فيلم شبه وثائقي استند إلى البحوث والسجلات العامة للدولة في بولونيا، وعرض التوتر الشديد، وتحدث عن ناس عاديين تعرضوا للظلم في حياتهم اليومية، من أولئك الذين وصفهم بـ«الشموليين»..!

اختار المخرج البولوني ماتشيك دريغاس يوم 27 أيلول 1962 موضوعاً لفيلمه، لم يكن في ذلك اليوم أي حدث سياسي أو تاريخي مميز بذاته، فهو يوم واحد من ذاكرة وحياة بلد حمل الكثير من الحكايات والآلام. يرصد دريغاس يوم عادي جداً من بداية النهار حتى نهايته مصوراً الناس العاديين.
كما باقي الأيام، ارتفعت الشمس صباحاً، وحلّ الغروب مساءاً،حيث ولد في هذا اليوم 642 شخصاً بولونياً وتوفي 655 آخرين..!!.
استند هذا الفيلم، كما أفلام كثيرة غيره، على فكرة ترد سبب الظلم وانعدام العدالة المفترض إلى النظام الشيوعي، متجاهلاً حقائق التاريخ، وحقيقة ما جرى فعلاً في بولونيا في تلك الأيام، ولكون الفيلم شن هجوماً شرساً على التراث اليساري، فقد كان سهلاً عليه الحصول على جوائز عالمية كثيرة، كجائزة الذئب الفضي في مهرجان أمستردام  التسجيلي الدولي عام 2005 ومهرجان رؤى الواقع في فرنسا 2006 وتكريم في مهرجان تايوان للأفلام التسجيلية عام 2006..!!
هناك بعض الحقيقة في عرض الاضطهاد اليومي للناس وتردي مستوى المعيشة في بولونيا ولكن ما لم يقله الفيلم إن الشيوعيين ليسوا هم من اضطهدوا الناس.
الحقيقة التي يريد البعض إخفاءها هي قيام دوائر التأثير الصهيوني ومافيات الظل الجديدة بقيادة رئيس الوزراء البولوني غومولكا، منذ عام 1956 بإحياء الرأسمالية في الاقتصاد الوطني للبلاد ودعم الموظفين الفاسدين الكبار بشكل مكثف ونشأت على أثرها طبقة جديدة من الأثرياء.
خرج الشيوعيون في ذلك العام من حزب العمال البولوني الموحد، وأسسوا حزباً جديداً هو الحزب الشيوعي البولوني، ووضعوا ضمن أهدافه الأولى تنحية العصابة الفاسدة، وتصفية النشاط الرأسمالي التخريبي الذي كان نتيجته تراجع حاد في مستوى المعيشة، وازدياد القمع السياسي للناس، والنقابات العمالية والشيوعيين الحقيقيين في جهاز الدولة، وتعرض هذا الحزب للملاحقة والتصفيات طوال عقود ولم يحقق هدفه بسبب التراجع العام للحركة الثورية في العالم. وقام الرأسماليون  بتصفية مكتسبات الناس الاجتماعية التي حققتها ثورة عام 1946.
لكن من جهة أخرى لكي نكون موضوعيين، يتساءل المخرج هل زال خوف الناس واختفى الاضطهاد في بولونيا الجديدة؟ كلا لقد زاد الخوف والقمع والاضطهاد في بولونيا الجديدة التي نشأت بجهود الثورة المضادة عام 1989 وابتعلت ما تبقى من حقوق الناس العاديين وازداد عدد  الناس غير العاديين الذين نهبوا كل شيء.
لقد ولد المئات في هذا اليوم ومات المئات يوم عادي البعض خاف والبعض خاف أكثر لكن خوف الناس لم يختف حتى الآن.