بين السيرقوني والسيكلما: ما الذي يحكم النظام (البيئي)؟
في أية مجموعة من المكونات وحتى نسميها نظاماً، ننتظر مجموعة من العلاقات تحكم طوابق وتشابكات تلك المكونات، علاقات عمودية وعلاقات أفقية وعلاقات عابرة للأبعاد (زمانية ومكانية)، وتفترض هذه العلاقات درجة معينة من التعقيد حسب اقتراب أنماط المكونات في تشابهها أو اختلافها.
وتزداد مكونات النظام تعقيداً ورقياً كلما ازدادت مكوناته تعدداً وتنوعاً، فالعلاقات بين الأنماط المتشابهة تشبه إلى حد كبير معادلة رياضية من الدرجة الأولى وبالحد الأقصى من الدرجة الثانية، أما العلاقات بين المكونات المختلفة نوعاً وكما وتعقيداً وإحداثيات، فتفترض حتماً علاقات من نمط أعلى، مما يكون عادة في أنماط المتطابقات العاملية بتفاضل وتكامل موزون يأخذ بالحسبان تغير إحداثيات هذه المكونات وحجمها ومدى تأثيرها متعدد الأبعاد.
تحكم العلاقات هذا النظام وأي نظام، بدءاً من النظم الرياضية ومروراً بالفيزيائية والحيوية ومنها البيئية ووصولاً إلى الاجتماعية منها.
فالنظام البيئي الذي يفقد أحد مكوناته، سرعان ما يفقد غيرها سريعاً في الفترة الأولى وبشكل متسارع لاحقاً، ويستمر في التدهور إلى أن يفقد تكوينه كنظام متين، ويصبح نظاماً هشاً معتمداً على بضعة مكونات، تحكمه علاقات بسيطة لكنها قابلة للانهيار عند أول منعطف، سريع التأثر بالعوامل الخارجية لضعف مناعته الداخلية الناتجة عن وجود القليل من البدائل البيئية ضمن النظام.
وحتى تكون النظرة أكثر شمولية، فليست كل الضربات الخارجية للنظام ذات نتيجة حتمية واحدة، ليس من الضروري أن تقوض النظام أو تضعفه، فيمكن لبعض الضربات أن تشجع النظام على إبراز بعض البدائل التي كان دورها محدوداً سابقاً في مواجهة الأخطار الجديدة، مما يجعل النظام أقوى في مواجهة عدد أكبر من العوامل المهددة له، لكن هذا لن يكون ممكناً أبداً في ظل خيارات محدودة من مكونات قليلة تحكمها علاقات هشة كما أسلفنا.
فلندعم نظمنا (البيئية) بأكبر قدر ممكن من التنوع في سبيل نظام صحيح البنية، على قدر من المناعة، يحترم أصغر مكون فيه ككل مكوناته الباقية، فلا ندري أين الدواء ضمن هذه الغابة.