نوروز... الشرق العظيم

نوروز... الشرق العظيم

النوروز كلمة متداولة في العديد من لغات الشعوب الشرقية تتكون من كلمتين، الأولى، نو، بمعنى جديد والثانية، روز، بمعنى يوم، فتكون العبارة، «اليوم الجديد»، ويطلق النوروز على اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الشمسية المعتمدة في التقويم الفارسي.

ومن أقدم وأعظم المصادر التاريخية التي تناولت النوروز وعاداته كتاب (الآثار الباقية) للعالم والفلكي الإيراني الشهير «أبي ريحان البيروني» الذي كتب عنه قائلاً: «السنة عند الفرس أربعة فصول، وكان لهم في كل فصل من تلك الفصول عيد ومن بين هذه الأعياد، عيد اليوم الأول من فروردين أو عيد النوروز وهو عيد عظيم جداً لأنه عيد إحياء الطبيعة، ويقال إن بدء خلق العالم كان في ذلك اليوم».

وقد جرى  تقسيم العالم قديماً إلى قسمين، يبدأ كل منهما بانقلاب، وإن احتفالي النوروز والمهرگان أو المهرجان هما بداية لهذين الانقلابين، واحتفال النوروز يقام تزامناً مع الانقلاب الصيفي، فيما يقام احتفال المهرجان مع الانقلاب الشتوي. وقد امتدت يد التغيير إلى هذا العيد على مدى الآلاف من السنين، ومع هذا لم يبل ولم يندثر، بل حظي بالاهتمام من الأقوام والمذاهب المختلفة.

وحظي بالاحترام في الإسلام بمختلف مذاهبه، وفي الحديث أن آدم (عليه السَّلام) قد خلقه الله في بداية شهر فروردين، وان ذلك اليوم أي «نوروز» هو يوم مبارك، يطلب الناس فيه حاجاتهم ويحققون فيه آمالهم.

ويعتبر هذا العيد اليوم من أكبر مظاهر وحدة شعوب الشرق، على اختلاف قومياته وأديانه وثقافاته وألسنته.

فهو عيد لكل الأديان والشعوب،  إذ أنه عيد واضح المعالم في أفغانستان وباكستان وطاجيكستان والهند ودول آسيا الوسطى وبلاد القوقاز والمناطق التي يقطنها الأكراد في تركيا والعراق وسورية. ويصعب معرفة البلد الذي انتشر منه عيد نوروز.

وتخرج العائلات للاحتفال بعيد النيروز الذي يبدأ به العام الكردي الجديد. والذي يعتبر عندهم عيداً قومياً يحتفلون به في جميع أنحاء العالم.

ويتم فيه إيقاد شعلة نيروز، والتي تسمى شعلة كاوا الحداد. حيث تقول أسطورة كردية إن النيروز هو اليوم الذي انتصر فيه كاوا الحداد على الملك الظالم «ازدهاك» وحرر الشعب الكردي من استبداده ثم أشعل ناراً ضخمة فوق جبل عال.

ويشارك الكثير من العراقيين الآخرين مواطنيهم الأكراد الاحتفال بعيد النوروز، بداية فصل الربيع.

وفي جنوب العراق يسمى عيد النوروز «عيد الدخول»، وفيه يقصد الناس مدينة المدائن قرب بغداد والتي تضم مسجد «سلمان المحمدي» الفارسي والآثار الساسانية مثل طاق كسرى، ويحملون معهم الأطعمة وينتشرون في الحدائق والبساتين ويحتفلون بقدوم الربيع.

وفي شمال العراق عادة ما تقوم الأسر بالخروج إلى الحدائق والمساحات الخضراء في هذا اليوم أيضاً للاحتفال.

ويعتبر عيد النوروز عيداً قومياً لدى الشعب الإيراني وهو رأس السنة الفارسية (الهجري الشمسي) وهو يوم الاعتدال الربيعي. وهم يقيّمون النوروز ويكرّمونه.

ويحتفل به أيضاً أقباط مصر ويسمى عندهم ‹شم النسيم›.وهو بداية السنة القبطية حيث يوقدون النيران، ويرمي بعضهم بعضاً بالماء، ويتهادى الناس في هذا العيد طبقاً لعادة قديمة.

عيد النوروز في آذربيجان له أهمية خاصة، ويعتبرعيداً رسمياً ووطنياً لجمهورية آذربيجان، وله مراسيمه الرسمية. ويعتبر شعب آذربيجان عيد النوروز عيد السَّلام والمحبة والوحدة، وفي إطار عادات هذا العيد التقليدية، فإن الخصام بين الناس يزول وتزال من القلوب الضغائن والأحقاد.

وفي طاجيكستان يسمى عيد النوروز«خيدير أيام» وتعني هذه العبارة الاحتفال الكبير، وعند السكان ولاسيما عند البدخشانيين منهم هو احتفال وطني ورثوه عن الأجداد، حيث يطبخون فيه وليمة  يعدونها من القمح ولحم رأس الخروف، ويدعى الناس إلى تناولها. ويقام على مدى ثلاثة أيام. وهو رمز المحبة والألفة وإحياء كل الموجودات.

أما الأتراك فيعتبرون النوروز بداية ربيع الطبيعة وتجديد الحياة في العالم، وبعض منهم يرى أن النوروز يوم مقدس إلى جانب ليلة القدر، وقد حافظ عيد النوروز في تركيا على كيانه في المناطق التي يقطنها الأكراد في هذا البلد وفي المناطق الشمالية منه.

وفي المدن الواقعة في الجنوب الشرقي من تركيا تقام احتفالات النوروز بشكل كبير، وتعكس فيها فولكلور سكان هذه المناطق. ومن مراسيمه العزف على بعض الآلات الموسيقية مثل الزرنة وقرع الطبول، وكذلك إلقاء الخطب الى جانب النيران المتوقدة.

وتقام احتفالات النوروز في كبريات الميادين في المدن وفي القرى، حيث يجتمع الكثير من الناس رجالاً ونساءاً تتشابك أيديهم ويدورون حول النيران ويرقصون، ومن عادات الأتراك في النوروز إعداد الأطعمة والحلويات الخاصة به.

يعتبر عيد النوروز في أفغانستان من الأعياد القديمة، وفي ولاية بلخ الأفغانية لايزال الناس يحتفلون به بكل جلال وعظمة. ومن عاداته عندهم إقامة العديد من المسابقات ومنها مسابقة الجمال الحربية والمصارعة.

يسمى النوروز في باكستان، بعالم أفروز، وهو يعني اليوم الجديد القادم الذي بقدومه ينير العالم ويجعله وضاءً. ويحترز الناس فيه من التلفظ بالالفاظ البذيئة، ويتعاملون مع بعضهم البعض بروح المودة والعطف.

ومن عاداتهم إنشاد الاشعار النوروزية باللغات الأردية والدرية والعربية، وأكثر هذه الأشعار تكون بشكل قصائد وغزليات.