إلى متى يا دير..!؟

إلى متى يا دير..!؟

الدير.. كما يحب أهلها مناداتها... ونادراً ما تسمع دير الزور، إلى أين ذاهب.. إلى الدير.. من أين أنت؟ من الدير.. هذا العشق... والحب العذري للدير.. هو الذي يدفع أهلها.. للتلاقي أينما كانوا.. في الغربة الداخلية والغربة الخارجية.. ستجد دائماً «قهوة» أي مقهى للديرية.. كأنهم أسرة واحدة من عادتي أن أستيقظ باكراً.. فأجد جارتنا أم تيسير قد سبقتني.. وهي تكنس نصف الشارع.. ثم تشطفه بالماء... وأصبح على جارتنا أم عطا الله..

فتجيبني أهلاً يا عيني.. وينادني زوجها أبو عطا الله.. تعال أشرب جاي أبو الزهور... أبو زهره.

أسير في شوارع الدير.. وما لا يزيد عن كل عشر خطوات أتلقى تحية.. أو ألقي تحية..

حارتنا ليس لها باب.. إن مفتوحة على الجهات الأربع... وابواب بيوتها غالباً ما تكون مفتوحة..

وكذلك الدير.. هو حارة حارتي.. حارتنا.

ورغم أن الدير مدينة وفيها أحياء كبيرة.. فقد امتزج فيها الريف بالمدينة فأحياء الحميدية والعمال والمطار القديم.. نسبة عالية من أبنائها من الريف الشرقي والجورة والموظفين والجبيلة من الريف الغربي. العرضي والشيخ ياسين من الريف الشمالي.. كل حي هو حارة والدير كلها حارة..

دربتنا.. أي حارتنا عند الظهر ترى الأطفال.. يحملون «الصبات» من هذا البيت إلى ذاك والعكس.. والصبة هي رأس الطبخة يرسلها الجيران لبعضهم..

منذ أكثر من سنة ونصف غابت ملامح الدير ومؤخراً لم يبق هناك شوارع الأبنية تهدمت فوق أهاليها.. الكلاب الشاردة والقطط تنهش من الجثث المرمية على قارعة الطريق.. التي لم يستطع من تبقى أن يصل إليها ليدفنها كسابقاتها في الحدائق العامة أو المنزلية أو حدائق المساجد.

غربان العنف المزدوج تحلق في سماء الدير.. وأهل الدير باتوا مشردين.. لا مأوى لهم إلا من رحم. فإلى متى يا دير..؟!