أمام الكاميرا الفنان عدنان أبو الشامات
تنهي قاسيون ملف خلف الكاميرا بالوصول إلى الفنان الممثل الذي يقف أمام الكاميرا ويظهر شخصه في الجهود العظيمة التي تم تسليط الضوء على بعض رموزها.
السيرة الذاتية ؟
كان عمري سبع سنوات عندما بدأت التمثيل بالإذاعة، ولاحقا بالتلفزيون والمسرح والسينما وكانت تجاربي قليلة فيهما لأن التجارب السينمائية كانت قليلة ومازالت قليلة حتى الآن، سافرت للخارج بهدف دراسة الإخراج السينمائي وتعطل حلمي الذي راودني في صغري لأسباب وظروف ذاتية وموضوعية، وشكل ذلك صدمةً كبيرةً لي وتحوّلاً كبيراً في حياتي، بقيت في الخارج حوالي 17 سنة، عملت في أعمال لا تتعلق بالفن. كان لدي حنين للتمثيل، حنين أعادني إلى سورية، وخاصة بعد مشاهدتي باكورة الأعمال التي أسست لرواج الدراما السورية، وأثّر مسلسل نهاية رجل شجاع، في تفجير الحنين المفاجئ للعودة إلى دمشق، والرغبة أن أكون أحد براغي عجلة المجال الفني الذي وصل إلى شيء يشبه طموحي بالدراما. عدت إلى سورية وكانت البداية صعبة جدا، ولكن شيئاً فشيئاً، تمكنت من وضع بصمة متواضعة بين الممثلين الكبار المتواجدين آنذاك، وطُلبت لأداء أدوار معينة في أغلبها (أدوار الأجنبي) بسبب تمكني من عدة لغات ثم اكتشف المخرجون مواهبي فتعددت أدواري.
ما الذي يقدمه الفنيون خلف الكاميرا، لإنجاح العمل الفني وكيف يتم التعاون بينهم وبين الممثلين؟
لكي يكون العمل الفني سواء في السينما أو التلفزيون متكاملاً، يلزمه فريق عمل، يتكون من الممثلين والمخرج وبقية الفنيين الذين غالباً ما يهضم حقهم ، مع أن جزءاً أساسياً من العمل يقع عليهم، ومن حقهم الإضاءة على جهودهم، فهم غالباً يداومون ليلاً نهاراً، بينما يمكن أن يحضر الممثل اللوكيشن مرة، أو مرتين في الأسبوع. علاقة الممثل واحتكاكه الأساسي مع المصور ومهندس الصوت، أما البقية فلا يتدخل فيها لأنها ليست من اختصاصه، واحتكاكنا بهم سطحي في أكثر الأحيان، في حال وجود ملاحظات على المصور أو مهندس الصوت، والكثير منهم متميزون جداً، إذا كان مهندس الصوت سيئاً يكون العمل فيه ثقوب فنية، ، ودور مصمم الأزياء والماكيير، في الأعمال المعاصرة، غالباً ثانوي مقارنة بالأعمال التاريخية التي يبذلون فيها جهوداً جبارة، إذ لا يوجد تعقيدات في المكياج، أو تأثيرات خاصة مثل جروح وندبات، وغالباً ما يكون معه فريق عمل كبير، كذلك مع الأزياء والملابس، ولكن في النهاية، انتقاء فريق العمل الدرامي هو مسؤولية المخرج بشكل كامل، لأنه هو الذي يحدد الكادر الفني، وهو المسؤول بشكل نهائي عن شكل ظهور العمل.
ما السبب في قلة الإنتاج في المسرح والسينما في سورية مقارنة بالتطور الصاروخي للدراما؟
عوامل مادية وثقافية، فالتكاليف في الدراما مردودها شبه مضمون بينما يعتبر المسرح والسينما مخاطرة عالية ، مما أدى إلى عدم رواج الفن الجاد فيهما، وحتى تدخل سينما جيدة ترتاح فيها وتشاهد فيلما بمواصفات فنية عالية فإنك مضطر لدفع مبلغ عالٍ ليس بمتناول كل الشرائح، وهناك العامل الثقافي فالمجتمعات ذات الثقافة العالية فيها الفن متقدم ، الناس في الغرب تقرأ في الباصات والأماكن العامة، وكلٌ يمتلك مكتبة مهما كان وضعه الاجتماعي، أما عندنا فثقافة القراءة ضعيفة جداً مقارنة بالتلقي والسماع بالأذن وهذا أيضا له ظروفه الاقتصادية، لا يوجد مقدرة على شراء الكتب أو حضور سينما، أتذكر كنت في صغري أوفر من مصروفي حتى اشتري كتاب يعجبني في السوق، وكنا نحضر سينما لأنها كانت رخيصة نسبياً، ودور العرض كثيرة، اليوم دور العرض الجيدة قليلة، والدخول إليها مكلف.
هل الثقافة ضرورية للفنان لإنجاح العمل ؟
هذا يعتمد على مفهوم ومضمون الثقافة، وهذه الأخيرة لا تقاس بقراءة الكتب أو جمع المعلومات بل تتجلى بالسلوك الإنساني للفنان قبل إبداعه، ومواقفه المختلفة في الحياة، وماذا يقدم للناس ودرجة تطور حياته الاجتماعية، يحاول البعض إسقاط الطيبة مثلا على الأدوار الشريرة لخوفهم من أن يعتقد المشاهد أنها شخصيته الحقيقية، مما يخلق خللاً وتناقضاً في الشخصية التي يقدمها ويؤدي به إلى الفشل.
كيف يختار الممثل دوره؟
تتعلق خياراته بعوامل كثيرة كالطموح الفني والعوامل المادية ومكانة الفنان، نجم صف أول أو ثان، وتختلف الخيارات من فنان لآخر، حسب العروض المقدمة إليهم، البعض لا يمتلك خيارات كثيرة فيضطر للعمل وعندما تنهال العروض على البعض يستطيع تلبية طموحه الفني وتلبية حاجاته المادية والمعنوية.
ماذا عن دور الفنانين في الأزمة ؟
يبتعد الفنانون عادة عن الصراعات السياسية ونادرا ما يكون الفنان ناشطا سياسيا، مثل أمريكا وأمثلة قليلة في أوربا لأن الفنان بطبعه حر وليس ملتزماً أو منظماً سياسياً ولا يميل إلى الانتماء الذي قد يؤطره إلا في حالات نادرة عندما يكون لديه طموح سياسي ما، ولكن بالمعنى الاجتماعي الفنان إنسان ولا يجوز أن نطلب منه أن يكون عالم اجتماع أو طبيباً نفسياً والمشكلة أنه يطلب من فناني الدراما السورية أكثر مما يستطيع الفن والدراما أن تفعله، وكما أن المحامي لا يستطيع أن يحل محل الطبيب، كذلك الفنان ليس مطلوبا منه أن يحل محل السياسي لمجرد أنه مشهور ويدخل كل بيت. هو لديه عمله الذي يقوم به من خلال وظيفة الفن.