مخرجو الإعلانات يحاولون إنقاذها الدراما المصرية 2010 : مزيداً من التخبط
أنتجت الدراما السورية المسلسل الأكثر شعبية «باب الحارة» فأنتجت مصر هذا العام مسلسلاً يحمل اسم «الحارة»، وقدمت الدراما السورية العام الماضي المسلسل الشهير «زمن العار» فظهر مسلسل مصري بعنوان «العار» وهو الاسم الأولي للمسلسل والذي تم تعديله من باب التقية، و«أهل كايرو» لم يكتفوا بهذه الأساليب التسويقية المكشوفة بمعزل عن ابتعاد موضوعي المسلسلين المصريين عن المسلسلين السوريين، بل انتقلوا من استيراد نجوم الدراما السورية وإقحامهم في أعمالهم منذ أعوام إلى محاولة تقليد أبرز ما تميزت به الدراما السورية: الصورة، ولأن التقليد ليس كالأصل فقد ظهرت «الصورة» مجرد صورة، محاولة يائسة لإشغال البصر دون سياق أو وظيفة، مخاطبة للحواس وليس للعقول، مهمة تنطح لها مخرجون شباب هم نتاج لمدرسة الإعلان، التي هي بدورها نتاج لعولمة سطحية وتغريب فوقي تضطلع به نخبة مصرية قوامها رجال الأعمال.
بين الإعلان المصري المتطور الذي يبقى إعلاناً ولا تصلح أدواته للدراما، وبين روح الفهلوة التي تعتقد أننا إذا استعملنا إضاءة خافتة فإننا نعمل كشوقي الماجري، وإذا صورنا في الشارع والأماكن الحقيقية فإننا نصبح حاتم علي، بدأت محاولات مصرية من خلال أعمال كـ «حكايات بنعيشها» السنة الماضية والمستمر لهذا الموسم أيضاً، واستمرت مع العديد من الأعمال في رمضان الأخير.
لا تزال عقدة النجم مسيطرة على الدراما المصرية فلدينا مسلسل ليلى علوي، ومسلسل يحي الفخراني الذي حمل هذه السنة اسم «شيخ العرب همام» وهو نموذج متواضع لدراما يفترض أنها تاريخية مع عجز بالغ على بعث العصر التي تدور الأحداث فيه وإيصال وهمه إلى المشاهد، وصولاً إلى «ملكة في المنفى» المعتمد على اسم نجمة لم تعد نجمة الجماهير (نادية الجندي) وأصبحت من مخلفات الماضي، وهو المسلسل الذي لم يشاهده أحد أسوة بالعمل السابق للمخرج نفسه عن ليلى مراد الذي لم يسعفه عرضه الواسع، وكلا العملين هما من توقيع مخرج هامشي في الدراما السورية، لكن الهوس المصري بأن الحل يأتي من سورية هو تأكيد لعقلية الفهلوة لدى تجار الدراما المصرية.
وضعت دراما بلاد الفراعنة ثقلها في مسلسل «الجماعة» الذي لعب بطولته ممثل أردني (إياد نصار) وحظي العمل بدعم رسمي من خلال الترويج الإعلامي بالمديح أو بإثارة الجدل حوله، كما بعرضه في أفضل الأوقات على القنوات المصرية الحكومية، ولم تقصر منابر إعلامية عربية في الترويج لهذا المسلسل نظراً لحساسية موضوعه ولأسباب تتعلق بالسياسة أكثر مما ترتبط بالفن، فمن ناحية ثمة علاقة واضحة بين صناعة هذا العمل وبين التطورات المتعلقة بمستقبل النظام المصري، وكأن «الجماعة» جزء من حملة انتخابية قادمة، ومن ناحية أخرى دعم الدراما المصرية إعلامياً هو شكل من دعم صورة مصر ودورها المتراجع في المنطقة، لذلك لم يكن غريباً أن يعنون كاتب مقال سياسي سعودي معروف مقالته عن الدراما المصرية بـ «المصريون يستعيدون لياقتهم».
وفي محاولة لتقديم ما يبعث على الضحك، مع أن الأخوة في أرض الكنانة لم يقصروا في توفير الحالة الكوميدية حتى في أكثر المواقف ميلودرامية بإنشائيتهم وكليشيهاتهم، تم توريط النجمة التونسية المتمصرة هند صبري في عمل كوميدي مأخوذ عن الكتاب – المدونة الذي لاقى رواجاً كبيراً «عايزة أتجوز» وهو عمل حظي بفرص عرض كبيرة، لكنه لم يحقق متابعة مماثلة وبدت الممثلة الحسناء المتمكنة تبذل جهوداً مستعصية لرسم الابتسامة على وجوه المشاهدين.
يبقى الافتعال الذي هو نقيض الأصالة سمة طاغية في الدراما المصرية، ولوثة المنافسة لن تؤدي إلا إلى المزيد من الأعمال التي تبحث عن البيع لا عن البقاء.