بالأمس كانوا هنا
محمد.. إبراهيم.. آحو.. وفاطمة.
حسن.. حنّا.. خليل.. وشيرين.
محيو.. يونس.. يحيى.. ومريم.
أبو حيّان.. أبو شدهان.. أبو خلدون.. وأم علاء.
أبو كمال.. أبو ريّان.. أبو علي.. وأم الياس.
أبو حازم.. أبو عزّام.. أبو ناديا.. وأم غرام.
تلك أسماء استحضرتْها الذاكرة من أرشيف صديقات وأصدقاء، جمعتني بهن/ بهم، سبل العيش وظروف الحياة، في مطارح شتّى..
بدءاً من ساحات القرية وكرومها وبيادرها..
إلى مدارس المدن ومعسكراتها وأنديتها..
مروراً بجامعة الصداقة بين الشعوب ودراسة الصحافة في موسكو.
وانتهاء بأرصفة التسكع، وصفحات الجرائد، والبحث عن عمل في دمشق، بعد العودة من المغترب..
لقد اعتدنا أصدقائي وصديقاتي (الموزّعون على امتداد حبل الودّ واتساع صدر الوطن) وأنا. أن نتواصل كلما اعترانا الشوق، وبالوسيلة المتاحة:
حضوراً إلى الأمكنة، نتواصل..
كتابة بالرسائل، نتواصل..
أو مشافهة عبر أسلاك التليفون.
وإذا لم يقيَّض لنا التواصل بأية من الوسائل المشار إليها. فبالقلوب كنا نتخاطر، نتهاتف، ونتواصل.
ثم كان أن حلّت ببلدنا، الأزمة الأفظع على مدى تاريخها وعِلْمِنَا. فتقطعت معها، بسورية والسوريين، الطرق والأوصال والآمال، وغامت الأجواء.. غابت الأخبار.. ضاعت العناوين.. ولُغِّمت الأسئلة.
صار السؤال، في حال المجازفة بطرحه ، يجرّ لك الشبهة والاتهام. وإذا ما مرّ على خير، فغالباً ما يجيبونك همساً:
بالأمس كانوا هنا
واليوم قد رحلوا..
قد سُحلوا..
قد قطّعوا..
أو قد.. وقد.. وقد..
أمّا الاتصال بوساطة الجوال، فقد احتلت إجابة «الرقم المطلوب خارج التغطية أو مغلق..» المرتبة الأولى بين جوائز الترضية، الممنوحة للسائلين. وفي الاتصال الأرضي، تصدرت الأجوبة التالية، المراتب الثلاث الأولى للجوائز الثلاث الأولى:
إذا كنت أنت صاحب هذا البيت فحبذا لو أرسلت لنا الرقم السرِّي للكمبيوتر والصندوق.
إذا كان «فلان» الذي تسأل عنه يعزّ عليك فعلاً، وتريده قطعة واحدة. فافعل ما نطلبه منك..
نحن لا نعرف هذا الذي تسأل عنه، وهذا الرقم والبيت لنا «وحسّك/ عينك» تتصل مرّة ثانية!.