«مهرجان سينما الشباب».. إنقاذ الحساسية السينمائية
تعود السينما السورية اليوم، في ظل حصار خانق وقائمة حظر طويلة طاولت منع عرض معظم نتاجاتها الأخيرة في مهرجانات دولية وعربية؛ منتصرةً لصيغة «سينما الشباب»، ما يذكر بالمهرجان الدولي لسينما الشباب الذي انطلق عام 1972،
وكان البذرة الأولى لمهرجان دمشق؛ وبين الأمس واليوم تحتفل المؤسسة العامة للسينما بالذكرى الخمسين لتأسيسها في تشرين الثاني من عام 1963، كمشروع انبثق عن «المجلس الأعلى للفنون والآداب»، زمن دولة الوحدة؛ ليكون «اليوبيل الذهبي» هذا العام ممهوراً بسينما روائية قصيرة يرفض الناقد محمد الأحمد مدير عام المؤسسة تصنيفها تحت مسمى «سينما بديلة»: «لا يوجد شيء اسمه بديل من شيء، وأعتقد أن كلمة (بديل) يجب أن تُستبدل حتى في اللغة العربية، السينما هي حقل قابل دائماً لأن نضيف إليه؛ فالسينما هي مثل طبقات الآثار التي تؤسس لطبقات أخرى، ثم من قال إن البديل الذي سنجلبه سيكون أفضل من الذي أزلناه»؟. هكذا سيكون الجمهور اليوم على موعد مع عرض خمسين فيلماً روائياً ووثائقياً قصيراً ستبدأ منافستها اليوم في الدورة الأولى من مهرجان «سينما الشباب والأفلام القصيرة الأول» (16-21 حزيران الجاري) في دار الأوبرا السورية، حيث ستتوزع هذه الأفلام على ثلاث حفلات يومياً في مسرح الدراما -مدة كل حفلة ساعتان- لتخصص كل من الحفلة الأولى (تبدأ 12.30 ظهراً) والثالثة (تبدأ 4.30 عصراً) لعرض أفلام «دعم سينما الشباب»، المشروع الذي أطلقته المؤسسة العامة لإنتاج سينما الهواة ربيع 2012؛ فيما ستخصص حفلة المنتصف (تبدأ 2.30 بعد الظهر) لعرض أفلام روائية قصيرة صنعها مخرجون محترفون؛ حيث سينال كل فيلم فرصتي عرض ضمن المهرجان.
يمكننا العثور في هذه التظاهرة على عناوين بصرية مختلفة عن السائد في السينما السورية التي طبعت المدرسة السوفييتية معظم تجارب مخرجيها؛ حيث تعِد الأفلام المتنافسة جمهورها بمقترحات مغايرة لـ«سينما المؤلف» التيار الذي سيطر على معظم نتاجات سينما الرواد؛ لنشاهد ما يشبه «سينما صغيرة» تحاول الاقتراب من حلم سينمائي يحاول إنقاذ الحساسية السينمائية لجيل بأكمله من مواسم المونديال الرمضاني الدرامي في بلاد تربعت فيها الدراما التلفزيونية كبطل مطلق على ذاكرتها البصرية. نعثر هنا على فيلم «توتر عالي»، إخراج المهند كلثوم، الشريط الذي يدافع عن العشوائيات حول المدن السورية التي شوهتها مسلسلات التلفزيون؛ مصنفةً إياها كمكان للجريمة والانحلال الأخلاقي، كما سيقدم المهرجان على موعد مع فيلم «الرجل الذي صنع فيلماً»، إخراج أحمد إبراهيم أحمد، سيناريو علي وجيه، وفيه نتعرف الى قصة شيقة للغاية، لحفل توزيع جوائز ينتهي بمجزرة مدوية، كحكاية يراهن عليها مخرج الفيلم وكاتبه على سريالية مضادة للمألوف والعادي بالتناسب مع المختبر السينمائي السائد؛ بينما نشاهد فيلم «جوليا»، سيناريو وإخراج سيمون صفية، عن كوابيس وآلام امرأة سورية تعرضت للاغتصاب في ظل الحرب القائمة؛ كما سيشاهد الجمهور فيلم «ابتسم فأنت تموت»، إخراج وسيم السيد، الشريط الذي يتحدث عن الحب في زمن الموت؛ فيما يقدَّم عرضٌ خاص لفيلم «العصافير الجريحة»، سيناريو وإخراج محمود عبد الواحد، وهو شريط صادم عن أطفال ونساء وجرحى ومفقودين من ضحايا المأساة السورية؛ أما بالنسبة إلى حفل الافتتاح فهناك فقرة ستتضمن فيلم «اليوبيل الذهبي» إضافة إلى عرض ستة أفلام هي: «رحيل»، حنان سارة، «سنلتقي يوماً»، محمد علي، «ضجيج الذاكرة»، كوثر معراوي، «خطوة أمل»، فراس كالوسية، «حلقة مفرغة»، أيهم سليمان، «زهرة القبار»، قصي الأسدي. وهناك فقرة فنية ستقدم في حفل الافتتاح تدمج بين الشاشة والمسرح، من إخراج الكريوغراف «معتز ملاطية لي»، وبعدها هناك دعوة إلى أعضاء لجنة التحكيم التي ستتكون من المخرج غسان شميط والمخرج جود سعيد والكاتب محمود عبد الواحد والممثلة ديمة قندلفت والكاتبة ديانا فارس؛ فيما يكرّم المهرجان أسماء عديدة أبرزها المخرج ريمون بطرس والملحن سمير كويفاتي والممثلين أديب قدورة وسلمى المصري ومدير التصوير الراحل حسن عز الدين.
المصدر: السفير