الغرف الصغيرة ...
فراس صويلح فراس صويلح

الغرف الصغيرة ...

تروي مسرحية الغرف الصغيرة قصة الحب الذي يموت اختناقاً في فضاء مدينة دمشق الضاغط قبل بدء الأزمة بثلاث سنوات...

من خلال ثلاث شخصيات، تحكمها علاقة متداخلة في نص مسرحي، وعرض مدته 100 دقيقة،  كتبه وأخرجه وائل قدور، المسرحية التي عرضت على مسرح دوار الشمس في بيروت في ال 4-5 نيسان الجاري. تحكي قصة صبا (فاتنة ليلى)، الفتاة التي أنهت دراسة الأدب الفرنسي منذ مدة طويلة، وبقيت في البيت بجانب والدها الراقد لفترة تزيد عن سبع سنوات، تمضي أيامها الطويلة بروتين قاتل، لا يخرجها منه سوى زيارة أسبوعية للطبيب (وائل معوض)، وإشرافه على حالة أب نسمع عنه طوال العرض دون أن نراه، وعلاقة حب شائكة تربطها بسعد (شادي علي) وهو شاب غير متعلم يتحمل مسؤولية أمه وأخواته ويعمل في سوبرماركت القريب..

مع مرور الوقت خلال العرض، نكتشف مدى عمق العلاقة التي تربط بين بطلة العمل و الطبيب والتي تبدو ظاهرياً وكأنها مجرد صداقة متبادلة بين كائنين يحتاجان بعضهما البعض، وبوح مشترك حول أزماتهما الإنسانية والعاطفية، تتكرس باعترافاتهما المتبادلة، إذ تعترف صبا بحبها لسعد وزياراته الليلية الدائمة لها، وتبوح له بأسرار علاقتها... و يعترف هو  لها  بشكوكه - التي ستتأكد له لاحقاً - بخيانة زوجته له، والسبب الذي يرغمه على البقاء معها هو طفله الصغير، ورفضه أن يكبر بعيداً عنهما.

وتتسارع الأحداث بعد رفض سعد طلب صبا الزواج منه، متذرعاً بعدم قدرته المادية ومسؤولياته الكبيرة تجاه عائلته، وتطلب صبا منه أن يقوم بقتل والدها المريض – في مشهد آخر - حتى تستطيع الزواج منه فيرفض ذلك بشدة و يتهمها بالجنون، وفي هذه الأثناء يعترف الطبيب بحبه لصبا ورغبته في الزواج منها بعد طلاقه من زوجته، ونكتشف في المشهد الأخير الوحدة التي يعانيها كل من صبا وسعد، وتأثيرها على قدراتهما العقلية وكم عاثت بهم خراباً..

بقي الفضاء المسرحي فارغاً من عناصر كثيرة كان بإمكانها أن ترفع من سويته، فلم يجر توظيف الديكورفي تعميق الحالة الدرامية للعمل، فأحداث المسرحية كلها تدور داخل غرفة جلوس، مكونة من كنبة ثلاثية ومفردة بالإضافة لطاولتين وبعض الأثاث، كما لم يكن هناك اهتمام بالإضاءة والسينوغرافيا مما يضفي على العمل جمالية، عادة ما يعتمد عليها المسرح في إضفاء حالة من الفرجة لدى المتلقي، وهو من الشروط المسرحية للبقاء على التواصل مع المشاهد اثناء العرض، كما أن الموسيقا والمؤثرات كانت غائبة تماماً عدا عن صوت غسالة الأوتوماتيك التي تفصل بين المشاهد.

كما أن الإشارة على حب صبا للفنانة أصالة نصري من جهة، واهتمام الطبيب بشراء أعمال فضل شاكرمن جهة أخرى، لم تكن موفقة من المخرج، ولم تعط أية إضافة للعمل، بقدر ما أخذت المشاهد نحو تفسيرات أخرى كان العمل في غنى عنها ...

بقي أن نقول إن أداء الفنانة فاتنة ليلى المرهف، انتشل المتلقي من براثن الملل، وكان أداء الفنان«شادي علي» مقنعاً، بينما لم يستطع الفنان «وائل معوض» الخروج من الرتابة في الأداء طيلة فترة العرض..