المشكلة في الخارطة الوراثية أم في الخارطة الجغرافية؟
التعصب صفة مكروهة في معظم الثقافات والحضارات، لكن مهما تفاوتت درجات انفتاح الآخرين على بعضهم، يبقى الجميع محكومين بشيءٍ من التعصب المنضبط الذي يأخذ شكل التفاخر والاعتزاز بما تحققه الجماعات والمجتمعات من إنجازات على الأصعدة كافة.
إلا أننا كعرب نواجه صعوبات كثيرة في إيجاد ما يدعونا لمثل هذه المفاخرات في العصر الحديث، فباستثناء البدع التراثية نجد أرشيفنا خالٍياً من أي إبداعات تذكر على الساحة العالمية في مختلف الأصعدة (الفنية، الرياضية، الثقافية، العلمية، الهندسية.....إلخ)، وهنا نخص المقيمين في البلاد العربية، لأنه لطالما توارد إلى مسامعنا أسماء شخصيات عربية حققت إنجازات حضارية كبرى، لكن جميع هذه الشخصيات تشترك بصفة عامة، ألا وهي التواجد خارج الإطار الجغرافي للمنطقة العربية، وقد يكون انتماؤنا اللا إرادي لدول العالم الثالث يلعب دوراً فاعلاً في الحد من التفوق العلمي، إلا أنه لا يشكل أي فارق في المجالات الأخرى ولا سيما الفنية والرياضية، أسوة بكثير من بلدان هذه المنظومة التي صنعت لنفسها صروحاً فاقت إنجازات أكثر الدول حضارةً وتقدماً..
إذاً: أين نحن من غيرنا؟ وأين يكمن الخطأ؟.
بقليل من الملاحظة والاستنتاج الموضوعيين لما حققته الشخصيات العربية المقيمة خارج الحدود الطبيعية، نستطيع أن ندحض أي ادعاء عرقي ينص على عدم قدرة الإنسان العربي على الإبداع ومواكبة ركب الحضارة، مما لا يدع أمامنا أي مجال للشك بأن المشكلة تنحصر بالنظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي القائم داخل الحدود الإقليمية للبلاد العربية، فهل يتوجب علينا أن نتأقلم مع شعورنا بالنقص والدونية كوننا عرباً مقيمين، أو أن نهاجر كما يراد للمبدعين منا لعل أبناءنا يحظون بغدٍ أفضل؟
بين هذين الخيارين ما زالت آفاقنا خالية من أية بوادر أمل لنجيب على تساؤل خليل مردم بك: «فلم لا نسود ولم لا نشيد؟»..