«خواطر فلسفية» تملأ الفراغ حول الفكر الفلسفي لغيفارا
بعد مرور 45 عاماً على مقتل «إيرنستو تشي غيفارا» في أدغال بوليفيا، واحتفاء بمرور 84 سنة على ولادته، صدر مؤخّرا في العاصمة الكوبية هافانا تحت إشراف «مركز الدراسات تشي غيفارا» كتاب يحمل عنوان «خواطر فلسفية» حظي بأصداء واسعة في الأوساط الثقافية والصحافية الإسبانية.
الكتاب عبارة عن مخطوطات، ملاحظات، خواطر، مذكرات، آراء وتعليقات فلسفية وتأمّلات نظرية قامت بجمعها وتصنيفها الباحثة الجامعية الكوبية ماريا ديل الكارمن أرييت، وكتب مقدّمته المؤرّخ الكوبي فيرناندو مارتينيس إيريديا.
قسّم الكتاب إلى أقسام ثلاثة وهي: قراءاته في مرحلة الشباب، الدفاتر التي كتبها في إفريقيا وبراغ وكوبا 1965-1966، وخواطره وملاحظاته المكتوبة في بوليفيا 1966-1967.
الخواطر كتبها غيفارا حول العديد من المواضيع التي كانت تستأثر باهتمامه وتشغل باله في تلك المرحلة من عمره وفي مقدمتها الماركسية حيث يقوم بتحليل وانتقاد أعمال الكلاسيكيين من الماركسيين واللينينيين، وكذا بعض أعمال المؤلفين والكتّاب الذين كان غيفارا يعتبرهم اشتراكيين هراطقة ومارقين أو رجعيين.
يقع الكتاب في 400 صفحة، يبدأ بالرسالة التي وجّهها غيفارا عام 1965 إلى الزعيم الكوبي التاريخي أرماندو إنريكي هارت (الذّي كان وزيرا للتربية في ذلك الوقت) وكان ينتظر غيفارا في تنزانيا بعد فشل الثورة في الكونغو. وبعد أن دخل خلسة إلى بوليفيا كتب غيفارا يقول: «بعد هذه الفترة الطويلة من الإجازات حشرت أنفي في الفلسفة، الشيء الذي كنت أنوي القيام به منذ مدّة، فكان العائق الأوّل الذي واجهني هو أنه في كوبا لم ينشر شيء يذكر حول هذا الموضوع، باستثناء بعض المراجع السوفياتية التي لا تشجّعك ولا تمنحك مجالا للتفكير، ذلك أنّ «الحزبّ قد ناب عنك في ذلك وأنت ما عليك سوى التسيير».
يضيف غيفارا بنوع من السخرية والتهكّم: كمذهب يبدو ذلك وكأنّه مناهض للماركسية، وأكثر من ذلك فإنهم في كثير من الأحيان يسبّبون لك الأذى والضرر.
يقول غيفارا: أما العرقلة الثانية التي واجهتني، هي ليست أقل أهمية من سابقتها إنها عدم معرفتي للّغة الفلسفية، لقد تصارعت بقوّة وضراوة مع المعلّم هيغل ولكنّه في الجولة الأولى أوقعني وطرحني الأرض مرّتين.
وينتقد الثوري الأرجنتيني- الكوبي كذلك في كتابه خطط ومشاريع تلقين الفلسفة في النظام التعليمي للاتحاد السوفياتي آنذاك.
يتضمّن الكتاب العديد من المراسلات والمقالات التي لم يسبق نشرها من قبل منذ رحيله، ومنها قراءات قام بها في إفريقيا وبراغ وبوليفيا بين 1965 و1967 حيث اغتيل في قرية (لاإغيرا) ببوليفيا.
كما يتضمّن الكتاب بابا بعنوان: «قراءات الشباب» ويعالج فيه قراءاته المبكرة .
كتاب «خواطر فلسفية» يقرّب القارئ من حياة «غيفارا» الخاصة وأعماله الأولى واهتماماته المبكّرة.
الكتاب جاء ليملأ فراغاً حول كلّ ما كناّ نعرفه عن الفكر الفلسفي لغيفارا وصلته أو علاقته بالماركسية وعلى مختلف مراحل حياة إيرنيستو غيفارا.
ولد إيرنيستو تشي غيفارا في الأرجنتين عام 1928، أتمّ دراسة الطبّ عام 1953 ثمّ سخّر حياته وأوقفها على الثورة الكوبية وذلك منذ أن انخرط في المكسيك ضمن البعثة الثورية المسمّاة «ياتي غرانما» التي حرّكت وحفزت عام 1956 الكفاح النهائي من أجل التحرير الوطني للجزيرة الكاريبية كوبا.
وفي 8 تشرين أول 1967 جرح غيفارا خلال المعركة في بوليفيا إلى جانب رفيقين له، وبعد أن ألقي عليه القبض عذّب ثمّ أعدم في 9 تشرين الأول من العام نفسه. وفي عام 1997 تمّ العثور على رفاته التي تمّ نقلها إلى كوبا حيث دفن بكل المراسم الشرفية في ضريح «سانتا كلارا».