إلى الرفيق شابلن
لم يعد أمامنا سوى دقائق قليلة!! فقد قررنا العبور إلى أرضنا المغتصبة وزعت علينا المهام وكانت فلسطين هي هدفنا.. فالأرض التي اغتصبت منا على دفعات، يجب علينا تحريرها على دفعات. فنحن لا نملك القوة الكافية لتحريرها دفعة واحدة
.اعذرونا ففي نهاية المطاف علينا تحريرها. كان لقاؤنا الأخير في أحد المساجد، وبعد لقاء الرفاق تعانقنا ولقمنا بواريدنا واضعين في بيت النار الطلقة الأولى.. ها نحن نسير بغطاء الظلام نلقي على أضواء قريتنا نظرة وداع.
نتوسط الآن حقل الألغام الفاصل بيننا وبين عدونا نسير دون أمل لدينا بالعودة.
التفت لأودع قريتي، وإذا بأضواء المسجد الوحيد فيها تنار، يالله ما هذا!
نسمع صوت الشيخ الذي كان يودعنا.. ياشباب الجنة ستفتح أبوابها لكم، أنتم من سيحمل بيده مفتاح أبواب الجنة.. تقدموا تقدموا (تك تك) ها هي قدمي تدوس فوق لغم مزروع في الحقل وأصوات الشيخ تستمر وكأنها تفضح مسارنا هنا توقف كل شيء عندي إلا دقات قلبي المرتجف وأصوات الشيخ المتتالية، هنا وفي هذه اللحظة أدركت معنى وجودي نعم فأنا على بعد خطوة من الهاوية.
بإشارة مني يتابع رفاقي مسيرهم.. وأصوات الشيخ تتعالى اذهبوا وافتحوا لنا الأبواب... آه لا أعلم إلى متى ستصمد قدمي، ولا أعلم إن كنت أريد أنا صمودها... استعرض بعض مقتطفات حياتي، أتذكر عرضاً سينمائياً شاهدته منذ بضعة أيام لشارلي شابلن، وفيلمه الأزمنة الحديثة.
ياالله ما أروعك يا شابلن.. كنت أجلس بين الأهالي والأطفال المهجرة أسمع ضحكهم أمام هذا العبقري الذي يحاول شرح وتجسيد ما تبقى عندنا من إنسانية، ها هو يضحكنا من فوق آلة تريد أن تطعمه بأسرع وقت ها هو يخدم موائد من جعله متشرداً. وخلال الفيلم اتهمه البعض بالشيوعية، ما أروعك يا شابلن.. ولنا للشيوعية الشرف باتهامهم هذا.
فقد فضحت مكرهم وغباءهم، لم يجد الرأسمالي صاحب المال تهمة لك ولإنسانيك سوى صفة الشيوعية!! هنيئاً لك وللرفاق الذين عبروا أمامي.
ها هي أضواء كشافاتهم تضيء المكان، لا أستطيع إخفاء جسدي أكثر.. ولا أريد أن أقتل برصاصهم!! سأحرك قدمي ولن أسمع أصوات الشيخ بعد الآن.