أسرار الخزف : البريق المعدني
يعتبر الخزف المعدني جوهرة من جواهر الفنون الإسلامية.. للألوان المعدنية أهمية خاصة في تاريخ الخزف الإسلامي، فقد ذهب الخزافون إلى صنع مركبات ذهبية و فضية وأصباغ أخرى زركشوا بها أدواتهم وأوانيهم، فتلألأت واكتسبت بريقاً،
ويمكن القول إن صناعة الخزف وكذلك صناعة «البريق المعدني» وما ارتبط بها من فن كانت حقاً من الابتكارات العظيمة التي اهتدى إليها الخزافون والحرفيون المتفننون.
وقد أخرجت حفريات بغداد وسامرّاء مجموعة على جانب كبير من الروعة والبهجة، منها: بلاطات فاخرة، جميلة الصنعة، ذات رسوم من لون واحد أو أكثر من لون ويبدو أن استخدام الخزف في صناعة البلاطات الخزفية لكسوة الجدران في القصور والمنازل والمساجد والمدارس، وغيرها من العمائر الإسلامية كان أمراً ذا بال وعناية فائقة، ذلك أنه لاتزال إلى اليوم أغلب هذه الكسوات الخزفية في أماكنها شاهدة على إبداع الفنان، وتفوقه في هذا المجال.
وسنذكر أحدى الطرق التي كانت تستعمل آنذاك... كانت القطع الخزفية الطينية تطلى بمزيج معتم أبيض (قصديري).. ومن ثم تشوى على درجة حرارة عالية تصل إلى (1000) درجة مئوية. وكانت تزخرف قبل تسويتها بأوكسيد النحاس الخالص تارة. وبالنحاس الممزوج بالمنغنيز تارة أخرى، ثم يوضع عليها الطلاء الزجاجي الشفاف، وتشوى على درجة حرارة 950 درجة ثم تشوى مرة ثالثة بدرجة حرارة 710 ثم تختزل (أي يدخل إلى داخل الفرن غاز الكربون عن طريق حقن الفرن بمادة تنتج الكربون في الفرن ثم تبرد بذلك تُنتج ألوان ذهبية تحت الطلاء ذات مظهر آخَّاذ.
وهناك طريقة أخرى لصنعها حيث كانت تُرسم على القطعة الخزفية مباشرة بالألوان المعدنية، ثم تطلى بطلاء زجاجي شفاف محروق على حرارة 9000 ثم تختزل بالحرارة 750 درجة.
ويعتبر بعض المتخصصين هذا البريق بريقا معدنياً حقيقياً، في حين يعتبره البعض الآخر بريقاً قزحي اللون (أي يتغير لونه بانكسار الضوء عليه).