صانعاتُ الحياة
قد لا يثير هذا اليوم اهتمام الكثيرين (حتى من النساء) وقد يقولون: «وماذا يعني... إنه يوم مثل باقي الأيام.. أو عيد مثل باقي الأعياد!!»، ربما لأنهم لا يدركون أن مثل هذه الأيام المميزة في حياة الإنسان، لم تنل تميزها إلا بسبب الثمن الذي دُفع من أجلها.
الثامن من آذار هو واحد من الأيام المميزة الذي دفعت المرأة ثمنه عبر التاريخ وانتزعته انتزاعاً (كما في كل حقوقها)، واستحقته بجدارة.. ففي عام 1857 نظمت مجموعة من النساء العاملات في معمل النسيج والألبسة الجاهزة في مدينة نيويورك مظاهرة احتجاجية على سوء حالتهن المعيشية ضد ظروف العمل السيئة، حيث كانت النساء تعمل 12 ساعة وبأجور زهيدة.
وقامت الشرطة بتفريق المتظاهرات بالقوة، ورغم القمع البوليسي، إلا أن هذه التظاهرة استطاعت بعد سنتين تشكيل أول نقابة نسائية للعاملات في معمل النسيج. وفي 8 آذار 1908 انضمت أكثر من (15 ألف) عاملة للسير بمسيرة طويلة في مدينة نيويورك مطالبة بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل والاعتراض على عمل الأطفال وغيرها، وكان شعارهن: خبز وورد!
وبعده في عام 1909، شاركت ما يقارب من (20 إلى 30 ألف) عاملة في إضراب، طالبن فيه بتحسين ظروف العمل وحق المرأة في الاقتراع والديمقراطية وغيرها من المطالب الأخرى.
وفي ذلك الوقت وتقديراً لكفاح النساء، ارتأى قادة الحركة العمالية الأمريكية تخصيص اليوم الأخير من شهر شباط من كل عام للاحتفال بما سمي (اليوم الوطني للمرأة).
ولكن الاحتفال بعيد المرأة جاء إثر أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي الذي عقد في باريس عام 1945، وهذا الاتحاد يتكون من المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية، وكان نتيجة اقتراح قدمته القائدة العمالية النسائية الألمانية المعروفة (كلارازيتكين) باعتماد الثامن من آذار من كل سنة للمرأة. ثم جاء إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا اليوم.
لقد استحقت المرأة هذا اليوم عبر نضالاتها، ودفعت ثمن تميزه، وبإمكانها أن ترفع رأسها عالياً بإنجازها.