يا مختار المخاتير!
أين هي اليوم تصورات الناس عن رموز وشخصيات السلطة المحلية ؟ وماذا بقي من الذاكرة عن صورة المسؤول الذي قد يكون قائداً حزبياً، أو محافظاً، أو رئيساً لمجلس محلي، أو مديراً لمنشأة اقتصادية أو مدرسة، أو حتى رئيساً لجمعية فلاحية؟
قبل سنوات طويلة، حين كان جهاز الدولة لا يزال في صحته، واضطلع بدور هام وقوي، لعبت مثل هذه الشخصيات دوراً هاماً في استكمال ترسيخ السلطة لهيمنتها الاجتماعية والسياسية، وإذا كان مفهوم المادة الثامنة في الدستور السابق، قد فعل فعله تاريخياً، ضمن خصوصية بيئات سورية المختلفة، فارضاً لفترة طويلة لوناً سياسياً واحداً، ومحتمياً خلال تلك الفترة ببعض المكاسب الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، إلا أن النتيجة كانت في المحصلة تغييب مفهوم الزعيم الشعبي كممثل اجتماعي حقيقي، يتمتع بمجموعة خصائص تبرر وظيفته الاجتماعية، بدءاً من الانشغال بالشأن العام إلى الاعتراف الشعبي بنزاهته وجرأته، إضافة إلى كفاءته في الدفاع عن مصالح بيئته.
وقد جرى ضرب مفهوم الديمقراطية الشعبية، مقابل فرض رموز أخرى وفق معايير مختلفة تغطت معظمها في مفهوم المادة الثامنة. وكان جزء من هذه العملية يجري في سياق تطور طبيعي، إذ خيل للبعض أن التحكم بفرض التمثيل الشعبي، سيخدم ويقوي الحزب القائد، مما سيؤدي لتقوية جهاز الدولة المتماهي معه ويعزز مركزيته المفرطة، وبقدر ما خيل أن ذلك الفعل المتعسف قد حقق أهدافه، بقدر ما تبيّن اليوم أنه أحد عوامل انفراط عقد جهاز الدولة في ظروف الأزمة الوطنية، الأمر الذي تؤكده التجربة الحالية.
ويبرز، في السياق نفسه، دور مرحلة الليبرالية الجديدة في تسريع عزلة وانفصال هذه القيادات عن المجتمع قبيل انفجار الأزمة بشكلها الحالي وأثناءها. الاستنتاج الأهم الذي يمكن وضعه اليوم هو: إن بناء جهاز دولة قوي ومركزي يحتاج إلى أوسع شكل ديمقراطي ممكن من التمثيل الشعبي، الذي يؤمن تمثيلاً وطنياً واجتماعياً حقيقياً على الأرض .
يقول الرحابنة بلسان «القبضايات» في إحدى أغنياتهم: «نحنا يا شباب بيوم الانتخاب منطلع نواب، ومننزل نواب!».