جوائز «أسبوع النقد» تُمنح لمخرجين واعدين.. سينما المستقبل
لا شكّ في أن المسابقة الرسمية الخاصّة بمهرجان «كانّ» السينمائي تبقى الأبرز في المشهد الدولي. لكن المسابقات والبرامج المرافقة لها سنوياً تتحوّل إلى واجهة لأحداث سينمائية لا تقلّ أهمية عمّا يجري فيها. المسابقات الأخرى ناشئةٌ في ظروف مختلفة، وفي أعوام متنوّعة. أقدمها «أسبوع النقد»، الذي يحمل اسم «الأسبوع الدولي للنقد» لغاية العام 2008. تمّ تأسيسه في العام 1962، بجهود «النقابة الفرنسية للنقاد السينمائيين».
قبل ذلك بعام واحد، في الدورة الـ 14 (3 ـ 18 أيار 1961) للمهرجان، توافق إدارة هذا الأخير على اقتراح النقابة عرض فيلم The Connection ـ المُنتج حديثاً ـ للأميركية شيرلي كلارك (1919 ـ 1997). لم يستوف الفيلم شروط الصنيع السينمائي المعتَمدة في المهرجانات، وهي شروط متلائمة وقواعد المنتجين الكبار، وقليلة الحساسية الإيجابية إزاء المحاولات التجديدية في صناعة السينما. للفيلم انحياز إلى ما يُعرف بـ «سينما مستقلّة». يُثير العرض حماسة كثيرين. يُقرّر روبر فافر لوبري، المندوب العام للمهرجان، بالتوافق مع «المركز الوطني السينمائي»، تجديد التجربة ببلورة صيغة متماسكة لها. يُكلِّف النقابةَ وضع برنامج عروض في «صالة جان كوكتو»، تمتدّ على مدى أسبوع واحد، وإطلاقه في الدورة الـ 15 (7 ـ 23 أيار 1962).
«أسبوع النقد» (أو «أسبوع النقاد») يحتلّ، سريعاً، مكانة أساسية في مهرجان «كانّ». إنه الحيّز السينمائي الذي يُطلق مخرجين يتحوّل معظمهم، لاحقاً، إلى كبار في الإبداع البصري. اللائحة طويلة، لكن الأمثلة مفيدة: وونغ كار ـ واي، كريس ماركر، برناردو برتولوتشي، مرزاق علواش، ليو كراكس، عاموس غيتاي، أرنو ديبلشان، غيلّيريمو دل تورو، باربيت شرودر، كن لوتش، وآخرين. الأسبوع نفسه يجد مكاناً له في بيروت، بفضل «جمعية متروبوليس»، التي «تنقله» إلى صالتها في الأشرفية بعد أسابيع قليلة جداً على انتهاء كل دورة من دورات مهرجان «كانّ».
إنه الإطلاق الرسمي لمخرجين مبتدئين، سيعثرون على دروب مختلفة لهم في عالم الفن السابع. المُشاركة فيه مهمّة. الفوز أيضاً. في الدورة الـ 68 (13 ـ 24 أيار 2015) لمهرجان «كانّ»، تُقام الدورة الـ 54 لـ «أسبوع النقد». أفلام قليلة تفوز بجوائز: في فئة الأفلام الطويلة، ينال «بولينا» للأرجنتيني سانتياغو ميتري «الجائزة الكبرى نيسبريسّو»، و «الأرض والظلال» للكولومبيّ سيزار أوغستو آسيفيدو جائزتين اثنتين: الأولى مُقَدّمة من «فرانس 4» بعنوان «جائزة الوحي» أو «جائزة التجلّي»، والثانية مُقَدّمة من «جمعية الكتّاب والمؤلّفين الموسيقيين الدراميين» (SACD).
يُذكر أن الفيلم هذا ينال أيضاً «جائزة الكاميرا الذهبــية» للفيلم الأول. في فئة الأفـــلام القصيرة، هناك فيلمان فائزان: «فاريســـيلاّ» للإيطالي فولفيو ريسوليو (جائزة الاكتشــــاف «سوني سيــــني آلتا»)، و «رامونا» للرومـــاني أنــدريه كريتوليشكو (جــــائزة كانال بلوس).
المواضيع متنوّعة. «بولينا» غائصٌ في معضلة إنسانية. الشابّة المتخلّية عن مسار لامع في المحاماة تواجه مجتمعاً ريفياً ضيّقاً ومنغلقاً على نفسه وعدائياً. تريد ممارسة التعليم فيه. تتعرّض لاعتداء وحشيّ من شبان، بعضهم تلامذتها. تُضحّي بصديقها وبثقة والدها فيها، القاضي ذو النفوذ. لكنها متمسّكة بالتزامها الاجتماعي قضية التعليم. تتغلّب على الجرح، وتُكمل عملها بقناعةِ مُناضلةٍ تعرف ما تريد. «الأرض والظلال» يرسم مسار المصالحة مع الذات. العجوز عائدٌ إلى قريته ومنزل العائليّ، وهو في خريف العمر. يُريد مغفرة أو عفواً أو مسامحة. يريد استعادة علاقته بعائلة يتخلّى عنها قبل سنين. الرحلة صعبة. فيها منعطفات وأكثر من هاوية. «فاريسيلاّ» (مرض «جدريّ الماء») ينوء تحت وطأة العلاقة القاسية بين أم وابنها. هذا مرضٌ لا يُؤذي الصغار، لكنه ذو خطر كبير على الكبار. تُصاب الأم. ابنها يكبر. تريده أن يُصاب بالمرض مثلها. لكن أحداً لا يعرف موقف الأب مما يجري في منزله. «رامونا» أقرب إلى الاختبار البصري. محاولة لرسم العلاقة التي يُمكن أن تقوم بين فتاة وسيارة ذات ليلة خالية من كل صدفة ممكنة.
7 أفلام روائية طويلة و10 أفلام روائية قصيرة «قد» تُعرض كلّها في بيروت قريباً. لجنة التحكيم المختارة هذه الأفلام من دون غيرها لمنحها جوائز الأسبوع مؤلّفة من الممثلة والمخرجة وكاتبة السيناريوهات الإسرائيلية رونيت إلكابيتز رئيسة، والمخرجة الفرنسية كاتيل كيلّيفيري ومدير التصوير بيتر سوشيتزكي (المملكة المتحدّة) والمبرمجة الكندية في «المهرجان الدولي للفيلم في تورنتو» أندريا بيكار والصحافي والناقد البلجيكي بويد فان أويج أعضاءً.
المصدر: السفير