من نحن بلا حلم؟
يقول رسول حمزاتوف في مقدمة كتابه داغستان بلدي: «عندما تستيقظ في الصباح لا تقفز من السرير كأن كلبا قد عضك، فكر بما حلمت به أولاً! لماذا يعزف ضارب الطنبور طويلاً؟ يحلق بجناح الحلم عالياً قبل أن يغني ...».
ربما يكتسي الحلم في المغزى العميق هنا معنى أغنى وأرحب من المعاني المباشرة أو المجازية المطروقة، فهو استهلال الأفكار وهو شرارتها ومطبخها الأول، والحلم أيضا درجة تراكم جنينية في الوعي البشري، يشبه الخامة الأولى التي لابد من إنضاج مادتها قبل الانطلاق، وبهذا يغدو مرحلة أساسية لايمكن الاستعاضة عنها في مجمل النشاط الإنساني. لكن إلى جانب هذا التصور المنتج توجد هناك كل التراكمات السلبية للمفاهيم التقليدية عن الأحلام والحالمين، إذ تكفي مجرد الإشارة إلى الموضوع حتى يروح الوعي إلى أحلام النوم أو اليقظة وأبعادها النفسية. أما في الموروث الشعبي فغالباً ما تختزل الصورة عن الحلم وتمسخ بقسوة فأحلام النوم أو تأملات المستيقظين (الحالمة) هي بالتحديد تلك المجنحة، المفعمة بوهم عقيم، يستدعي لونها الوردي السخرية دائماً وأصحابها دراويش عاجزون ولن يصيبوا في حياتهم شيئا منها! أما بقية الأحلام فهي تلك الكوابيس المرعبة، المبعوثة من عالم الأسطورة والغرابة، تتباهى الذاكرة الموروثة باقتنائها أو اختلاقها كمتلازمة مرضية، يكتنفها غموض ساحر يضع أصحابها ومفسريها في مقام خاص من الجاذبية والحكمة! وهكذا وللأسف لا تتواجد تلك الصورة المشرقة عن الحلم بالمعنى الإنساني المنتج إلا في ألوان الفكر والفن الطليعيين، فالحلم هنا هو تأمل فاعل من أجل التغيير والتطور، واستمرار الحياة! وهو بهذا ملازم لإنسانية البشر، هل تذكرون هذه الكلمات: «ومين نكون من غير ما نحلم ببكرا؟».