أغنيةُ شانغ- غان
حكايةُ حُبٍّ فَتِيٍّ للشاعر الصيني: لِي بو ( 701- 762 ميلادية )- ترجمة الشاعر العراقي سعدي يوسف.
أوائلُ غَسَنٍ على جبيني ،
أنا ألعبُ ، أقطفُ زهوراً قربَ الباب.
أنتَ تجيءُ ، دائراً حول البئر ،
على صهوةِ حصانٍ خشبٍ ، ناثراً برقوقاً أخضرَ .
نحن في قرية شانغ- غان ،
طفلانِ بلا رِيبةٍ أو كُرْهٍ .
*
في الرابعةَ عشرةَ ، أكونُ زوجتَك .
ولأنني خجلى ، أغضُّ البصرَ آنَ ألقاكَ ،
وأحني رأسي ، فأنظر إلى الحائط المعتم .
ولو أنكَ نادَيتَني ألفَ مرّةٍ
فلن أرفعَ بَصَري إليك .
*
في الخامسةَ عشرةَ ، لم يعُدْ حاجباي ينعقدان .
ومن ثقتي بحبِّكَ ، أريدُ أن أكون معك
حتى الرميم أو الرماد ...
لا أظنُّ أنّ عليّ أن أرقى الـمَرْقَبَ لأراك .
*
في السادسة عشرة ، ترحلُ ، أنت ، بعيداً
عبرَ المضائق الخطرةِ ، كو- تانغ ،
السيول خطيرةٌ وصعبةٌ ، وعصيّةٌ على العبور في شهر أيّار .
قرودُ الشِقّ تنعبُ صارخةً .
*
آنَ غادرتَ بوّابتَنا جررْتَ قدمَيكَ .
والآنَ ، في كل أثرٍ من خُطاك القديمةِ
ينمو طُحلُبٌ ، عميقٌ ، ثخينٌ ...
ليس بمقدوري أن أكنسَه .
الريحُ تهبُّ مبكِّرةً ، والأوراقُ تَسّاقَطُ .
*
إنه الخريف .
وعبر البستان الغربيّ تندفعُ الفَراشاتُ الصُّفرُ أزواجاً
أنا أنهارُ لرؤيتهِنّ ...
لونُ وجهي يغيضُ .
لَكأنّ شبابي يمضي ...
*
ولو انكَ عُدتَ في أحد هذه الأيامِ
عبرَ المضائقِ الثلاثةِ ليانغ-زِي-جيانغ
فابعَثْ رسالةً ، ولسوف آتي لألقاك .
مهما بَعُدَ المكان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الغَسَنُ : قَصّةُ شَعرِ الناصية على الجبين .
* لي بو ، يعتبَر حتى اليوم شاعر الصين الأثير . كان مغامراً في الحياة والسياسة ، ومات مسموماً شأنه شأن امريْ القيس . عاش في عهد أسرة التانغ المتسامح ، والصينيون يرون فيه موزارت الشِعر ، ويحفظون أشعاره عن ظهر قلب .
وقد كان للشاعر الصينيّ تأثيرٌ في عدد من شعراء أوربا الـمُحْدَثين وبينهم إزرا باوند.
أنا أشتغلُ ، هذه الأيام ، على مختارات من لي بو ، باللغة العربية ، في هيأة كتاب .
" أشعارُ لي بو " في هيأة كتاب ، ستكون كتابي المائة !