انهيار الباوند والانفجار الاجتماعي البريطاني
حزب العدالة البريطاني حزب العدالة البريطاني

انهيار الباوند والانفجار الاجتماعي البريطاني

الانهيار غير المسبوق في قيمة الباوند الإنكليزي سيسرّع هجمة التقشف الوحشي ضدّ الطبقة العاملة في بريطانيا، ممّا سيمهّد الطريق أمام تصاعد حدّة الصراع الطبقي الهائل. سيفرض هذا حاجة ملحة لقيام الطبقة العاملة البريطانية بصياغة إستراتيجية للتعامل مع المؤامرة السياسية التي تحاك بين حكومة ليز تروس وتحالفها الفعلي مع «حزب العمّال».

ترجمة: قاسيون

وصلت رئيسة الحكومة ليز تروس إلى السلطة بعد أن أعلنت استعدادها لإحداث «إبادة عالمية» في حرب نووية مع روسيا. لكنّها بدلاً من ذلك ضغطت على زرّ التدمير «النووي» في اقتصاد المملكة المتحدة، ودفعت الإمبريالية البريطانية إلى وضع انهيار متسارع.
عبر سحب 72 مليار باوند على شكل دين حكومي من أجل تمويل 45 مليار باوند على شكل إعفاءات ضريبية للشركات ولأصدقاء «المحافظين» في المدينة، خسر وزير الخزانة «مستشار الموارد» كواسي كوارتنغ ثقة الممولين الدوليين. لا يكمن قلق المستثمرين العالميين في أنّ تروس قامت بتقديم «هبة» ضخمة للشركات الكبرى، بل لكونها لم تستعد لذلك من خلال شنّ هجمات أعمق على الخدمات الاجتماعية وأجور الطبقة العاملة. كما أوضح المستشار السابق لحكومة حزب المحافظين وكبير مهندسي أجندة التقشف البريطانية لما بعد عام 2008، جورج أوزبورن: «لا يمكنك فرض ضرائب الدولة الصغيرة وإنفاق الدولة الكبيرة».
مع انخفاض قيمة الباوند، أعلن بنك إنكلترا أنّه سيبدأ في شراء السندات الحكومية البريطانية طويلة الأجل على «أيّ نطاق ضروري» لمنع الانهيار المالي. ستتم إضافة مبلغ 65 مليار باوند الذي تمّ التعهد بها إلى المبالغ الهائلة التي يجب اليوم أن يتمّ تحصيلها من ظهور الطبقة العاملة. كما أوضح المستثمرون فهم يتوقعون ارتفاعاً سريعاً في أسعار الفائدة من أجل ضبط الطبقة العاملة ومكافحة الموجة المتزايدة من الإضرابات التي تطالب بأجر يناسب المعيشة لمكافحة التضخم المتصاعد بسرعة.
يوضح الغضب العالمي للممولين نتيجة تحركات ليز تروس أنّ أزمة الإمبريالية البريطانية ليست سوى تعبير متقدم عن أزمة النظام الرأسمالي العالمي بأسره. بريطانيا هي العين لعاصفة مالية تمزق أسواق العملات في العالم. في عام 2008، ثمّ مرة أخرى أثناء الوباء، تمّ ضخّ ترليونات الدولارات مباشرة في خزائن البنوك والشركات الكبرى غير المرتبطة أبداً بالإنتاج الحقيقي. أدّى تفاقم الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إلى دوامة تضخمية تهدد بالانهيار. يؤيد الاحتياطي الفدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأخرى رفع أسعار الفائدة وخفض الإنفاق العام وتنفيذ إجراءات أخرى تسعى إلى فرض عبء هذه الأزمة بالكامل على الطبقة العاملة.

برميل بارود ونيران ومؤامرات

أشعلت تروس النار فوق برميل بارود اجتماعي. سيزداد شتاء فقر الوقود والغذاء الذي يلوح في الأفق بالفعل في المملكة المتحدة سوءاً، حيث يؤدي ضعف الباوند إلى رفع أسعار الواردات، وخاصة الغاز والنفط والغذاء. كما أنّ الوضع سيسوء في فصل الشتاء جرّاء التهديد من عمليات الإخلاء مع تقلص الأجور الحقيقية وارتفاع الرهون العقارية، والانهيار المحتمل في المعاشات التقاعدية.
قال محافظ بنك إنكلترا السابق مارك كارني إنّ خليفته «تدخل محقاً في النقطة التي كان النظام فيها على التوقف عن العمل». كان التهديد الرئيسي الذي حدده هو الحاجة الفورية لحماية السندات الحكومية وصناديق المعاشات التقاعدية من كونها «غير قادرة على الوفاء بالتزامات قصيرة الأجل... من شأنها أن تنتقل عبر الأسواق المالية».
لا يمكن تنفيذ أجندة الحكومة ولا مطالب منتقديها دون كسر موجة الإضراب التي بدأت هذا الصيف وتتصاعد بسرعة لتشمل مئات آلاف العمال. دافعت تروس حتى الآن عن الميزانية المصغرة ورفضت التراجع عنها أو إزالتها. قالت تروس إن تخفيض الضرائب عن الأثرياء «ليس له شعبية، ولكنّه يساعد الجميع على تنمية الاقتصاد... لفترة طويلة كان الجدل يدور حول التوزيع»، ليضيف المتحدث باسمها: «تعمل رئيسة الحكومة والمستشار على إصلاح جانب العرض اللازم لتنمية الاقتصاد والتي سيتم الإعلان عنها في الأسابيع المقبلة».
في مواجهة أزمة حكم غير عادية، يستعد حزب العمّال للقيام بمساعدة الحكومة في إنقاذ الإمبريالية البريطانية من حركة التمرّد من قِبل الطبقة العاملة. كان هذا هو السبب وراء المشهد الغربيب لمؤتمر حزب العمال هذا الشهر وقيام وسائل الإعلام بتعزيز كير ستارمر كرئيس وزراء محتمل. نظم ستارمر بدقة المؤتمر السنوي للحزب للترويج لمؤهلات طاقمه الحزبي بوصفهم حزباً يمينياً يعمل لصالح الأثرياء والتقشف والحرب.
افتتح المؤتمر بدقيقة صمت حداداً على الملكة وغناء غير مسبوق تاريخياً لـ «حفظ الله الملك» تحت علم الاتحاد العملاق وصورة أكبر للملكة. أعلن الرئيس في خطابه عن صراعه «المقدس» ضدّ روسيا، مردداً الشعار الفاشي: «سلافا أوكرايني – النصر لأوكرانيا».
يسوّق ستارمر لنفسه بأنّه – على عكس المحافظين – يمكنه أن يدافع عن الإمبريالية عبر تقديم خدمات حزبه وكذلك النقابات العمالية، وذلك من أجل قمع الطبقة العاملة ومنعها من تصعيد الصراع الطبقي. هذا ما عناه بقوله: «شراكة حقيقية بين الحكومة والأعمال والنقابات العمالية».
على الطبقة العاملة أن تعمل على إستراتيجية جديدة تمنع فيها حزب العمّال والمحافظين كليهما من إغراق الملايين من الطبقة العاملة في الفقر المدقع، وتدمير ما تبقى من الصحة والإسكان والتعليم ونظام الرفاه، والوصول بالعالم إلى أقرب نقطة له إلى نهاية نووية.
يدفع العمّال في جميع أنحاء العالم للإضراب، بما في ذلك في القطاعات الحاسمة مثل النقل والشحن، في انتعاش عالمي للصراع الطبقي. هناك حاجة إلى برنامج سياسي يوحد جميع شرائح الطبقة العاملة البريطانية، والعالمية، ويوجه قوتها الاجتماعية ضد الطبقة الحاكمة وجميع ممثليها من السياسيين الذين يريدون الاستمرار باستغلال الطبقة العاملة.
يجب على العمال وضع حد للتخريب الذي تعرض له كفاحهم من قادة النقابات العمالية وبيروقراطيتهم، وذلك عبر تشكيل لجان عمل في أماكن العمل والأحياء التي يسكنون فيها، والتي ستمكنهم من تولي المسؤولية والاستعداد للدفاع عن مصالحهم في وجه من يريد تحميلهم الأزمة الرأسمالية. سيمكن هذا العمال في كل صناعة من الانضمام إلى نضالاتهم في إضراب عام لكسر قوة البنوك والشركات الكبرى، والاستيلاء على الشركات الكبرى والبدء في تنظيم الحياة الاقتصادية وفقاً لحاجة المجتمع، وليس حاجة كسب الربح.
يجب أن تجد الطبقة العاملة وسيلة لوصل هذا النضال طويل الأمد بالانتخابات العامة بوصفها جزءاً من النضال الطبقي قصير الأمد. المهمة التي تواجه العمال هي وضع حدّ للمؤامرة في وستمنستر بين حزبي المحافظين والعمّال، والتي تهدف إلى الحفاظ على الهيمنة السياسية للأوليغارشية المالية. فانهيار الباوند هو الخطوة الطبيعية للأزمة الإمبريالية البريطانية، والتي ستحاول الأوليغارشية تحميلها للطبقة العاملة.

بتصرّف عن:
www.wsws.org

معلومات إضافية

العدد رقم:
1090
آخر تعديل على الإثنين, 03 تشرين1/أكتوير 2022 12:05