أزمة الدَّين الإيطالية... من يقرض إيطاليا 2,3 تريليون؟!
وصل الدَّين العام الإيطالي إلى نسبة تقارب 160% من الناتج المحلي الإجمالي... وهذا بعد أن كانت نسبته 130% وفق تقديرات صيف العام الماضي، الديون المتضخمة التي فاقت 2,3 تريليون يورو، يقابلها التراجع في الناتج الإيطالي الذي من المتوقع أن يتراجع بنسبة 9,5- 18% حتى صيف 2020.
التراجع الكبير الذي فاقمه الانتشار الحاد لوباء كورونا في إيطاليا، يفاقم أزمة الديون التي كانت منذ مطلع العام الحالي تلوح في الأفق، حيث تراجع الناتج الإيطالي بنسبة 0,3% في الربع الرابع من عام 2019 وقبل أزمة كورونا، وتوسع التراجع ليصل إلى -4,7% في الربع الأول من العام الحالي.
الأزمة الإيطالية ترمي بظلالها بعيداً على الاقتصاد الثالث في الاتحاد الأوروبي... ولكن أثرها الأعمق هو على القطاع المالي الأوروبي، وقبل كل شيء على المنظومة المالية في إيطاليا.
من يقرض الحكومة الإيطالية؟
المقرض الأكبر للحكومة الإيطالية هي الجهات المالية المحلية، سواء البنوك أو شركات التأمين الإيطالية أو صناديق الاستثمار التي تمتلك أصول دَين على الحكومة تقارب 1 تريليون يورو، ويعتبر هذا واحداً من العوامل التي قد تدعم حلولاً وهيكلة محلية للدَّين الإيطالي.
بينما 45% من الديون الإيطالية هي ديون لجهات أجنبية غير إيطالية، وحوالي 850 مليار يورو، نصفها لدى بنوك دول الاتحاد الأوروبي، بينما النصف الآخر من صناديق الاستثمار المالي العالمية.
البنوك الفرنسية هي المرتبط الأكبر بالدَّين الحكومي الإيطالي، حيث تشكل لوحدها ثلث الدائنين الأجانب، وحوالي 285 مليار يورو وفق تقديرات عام 2019. بينما المقرض الأجنبي الثاني الأكبر هي البنوك الألمانية ولكن برقم أقل بكثير قرابة 59 مليار يورو، بينما قروض البنوك البلجيكية تبلغ 25 مليار يورو، والإسبانية 21,4 مليار يورو، وهذه القروض مكفولة من البنك المركزي الإيطالي وعبر عمليات التيسير الكمي (عمليات التمويل الواسعة من البنوك المركزية الغربية والتي توسعت كثيراً بعد أزمة عام 2008).
تشير تقارير أوروبية إلى أن المخاطر الأعلى في الديون الإيطالية هي في الديون التي تمتلكها صناديق الاستثمار المحلية أو الأجنبية التي تبلغ مع بعضها قرابة 750 مليار يورو، باعتبارها يمكن أن تقوم بعمليات بيع سريعة للديون الإيطالية لتفقدها المزيد من الموثوقية.
قبل أزمة كورونا كان لدى البنوك الإيطالية ما يقارب 350 مليار يورو ديوناً مصنفة على أنها (قروض غير فعالة- سامة)، بينما لم يُنشر حتى الآن حجم توسّع الديون الخطرة في إيطاليا بعد أزمة الوباء، وهي مرشحة لتصاعد كبير مع التراجع المالي العميق.
تناقضات بين كتلة الشمال والجنوب
مع مطلع شهر آذار وفي بداية أزمة الوباء، اضطر البنك المركزي الأوروبي إلى إجراء خطة إنقاذ عاجلة مرتبطة بالوباء قاربت 750 مليار يورو، لتتم عمليات شراء لسندات الدَّين المتعثرة، وتخفيض المخاطر، وقد فعّلت هذه الخطة التناقضات بين دول الشمال والجنوب الأوروبي، فبينما تطالب كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا بتوسيع وتعجيل هذا التمويل، فإن دول الشمال وتحديداً ألمانيا وهولندا وفنلندا والنمسا ترفض المزيد من توسيع التمويل، وتطالب أن يتم استخدامه فقط لأغراض التعويض عن تداعيات وباء كورونا.
التناقضات التي تظهر في طرق وآليات تمويل الأزمة بمستواها الحالي تُضاف إلى جملة التعقيدات في الوضع الأوروبي، والإيطالي تحديداً... حيث كتلة سياسية أساسية وحاكمة تُعيد وتُكرر التهديد بالخروج من الاتحاد الأوروبي، وكانت قد طالبت سابقاً بشطب ديون أوروبا على الاتحاد الأوروبي، واليوم تطرح هذه الكتلة إصدار سندات دَين حكومية محلية خارج إطار الاتحاد الأوروبي، يراها البعض تمهيداً للخروج من منطقة اليورو.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 965