حان وقت إزاحة النفط وانطلاق الطاقات البديلة؟!
الركود الاقتصادي العالمي والاضطراب الواسع في سوق النفط العالمية، يفتح النقاش واسعاً حول (وجود فرصة لاستبدال نمط الطاقة العالمي)، والاستثمار في الطاقات المتجددة عوضاً عن إعادة الاستثمار لتعويض خسائر سوق النفط... ورغم أنّ هذه السيناريوهات وردية الطابع، هي موضوعية من حيث حاجة التطور البشري المتوازن بيئياً واجتماعياً، ولكن يقف دونها مستوى نفوذ قطاع النفط العالمي، بل بشكل أدق طابع الإنتاج الرأسمالي (رأس المال الأحفوري).
صدر تقرير عن الوكالة الدولية للطاقات المتجددة IRENA يناقش تطورات قطاع الطاقة المتجددة ويدرسها بربطها بأزمة النفط المتفاقمة... مشيراً إلى أن توجيه أموال الإنقاذ الحكومية الأمريكية إلى استثمارات الطاقة المتجددة، لن يؤدي فقط إلى الخروج من حالة الطوارئ المناخية التي يعيشها العالم، ولكنه سيؤدي إلى مكاسب اقتصادية أكثر خلال عقد قادم.
تشير المنظمة إلى أن الاقتصاد العالمي يحتاج إلى 95 تريليون دولار للعودة إلى (الوضع الطبيعي) عقب أزمتي النفط وكورونا. بينما استثمار 110 تريليون دولار عالمياً في الطاقات المتجددة سيؤدي إلى تعافٍ اقتصادي أعلى ويخلق نتائج على مستوى الاقتصاد الكلي محققاً 50-142 تريليون دولار حتى 2050. وإنه سيؤدي إلى نمو الاقتصاد العالمي بمعل 2,4% أسرع من مستوى التوقعات الحالية، ويحقق نسبة زيادة 13,5% في مؤشرات الرفاه العالمي، مثل: التعليم والصحة.
كما أنه سيؤدي إلى مضاعفة عدد العاملين في القطاع أربع مرات ليصلوا إلى 42 مليون عبر العالم، ولكن حتى التقرير لا يتوقع أن تتحول هذه الوقائع إلى سياسات وقرارات.
من الصعب أن يتم إجراء نقلة جذرية في بنية الطاقة بناء على الوضع الحالي... فالنفط أساس اقتصادي ومالي للمنظومة العالمية، وتحديداً في الولايات المتحدة. حيث تجري إجراءات عكسية تماماً. وحيث يوجد نفوذ مرتفع لقطاع الطاقة الأحفورية والاستثمار المالي المرتبط به، يصل إلى حد عدم الاعتراف بالتغيرات المناخية. بل أكثر من ذلك فإن الإدارة الأمريكية وضمن حزمة قرارات متعلقة بمواجهة كورونا فايروس، أزالت قيود الانبعاثات عن الشركات العاملة، وتركت للشركات تقديرها. كما أن الأزمة الحالية لقطاع النفط تحدث هزّة به، ولكنها بالمقابل تعيد هيكلته، وأيضاً في الولايات المتحدة الأمريكية تمنع شركات الطاقة الكبرى، مثل: إكسون موبايل توجيه حزمة إنقاذ لشركات النفط الصخري، وتستعد لشراء الإفلاسات الواسعة المرتقبة. ويدور صراع حاد حول هذا... بل إن البعض يرى أن الأزمة الحالية قد تعيد توسيع الإنتاج النفطي عبر العالم مع ارتفاع الأسعار لاحقاً.
ولكن كل هذه التقديرات ضبابية الطابع ومفتوحة الاحتمالات، لأن سوق النفط العالمي بتشابكها مع قطاع المال، وبتأثيراتها السياسية على مناطق، مثل: روسيا والصين والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية، وبارتباطها العميق بالركود الاقتصادي العالمي... جميعها تشير إلى أن لعبة النفط خطرة وتفتح الباب على وضع النفط ذاته موضع تساؤل!
إن الاتجاهات الاستراتيجية للإنتاج العالمي، وسياسات الدول كلها تضع أفول النفط، ونفاده في الحسبان، ويظهر هذا تحديداً في الصين وأوروبا حيث يتوسع بشكل استثنائي الاستثمار في تكنولوجيا الطاقات البديلة، ولكن الولايات المتحدة لا تزال الثقل النفطي العالمي رغم انزياح أوزان هامة فيها، مثل: كاليفورنيا إلى الطاقات البديلة، ووجود تيار متنفذ وقوي يسعى للحاق بالركب الصيني والأوروبي في هذا المجال، إلا أن الدولار والنفط يتكبلان ببعضهما البعض ويدافعان عن نفسيهما بعنف من خطر الزوال...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 963