ليلى نصر ليلى نصر

مؤشرات لركود عالمي قادم تراجع الصناعة - الأسواق- العملات

الصناعة الألمانية تنكمش، ونمو الصناعة الصينية في أدنى مستوياته منذ عشرين عاماً... التراجع وليس النمو هو سِمة اقتصاديات محورية في أوروبا، وتراجع النمو هو السِمة العامة، ولكن النصف الأول من شهر آب حمل مؤشرات إضافية من أسواق المال والعملات والنفط، وجميع ما سبق يقول بأن الركود الاقتصادي بدأ بالظهور وسيتفاقم.

شهد الاقتصاد العالمي خلال أسبوع مضى جملة من الاضطرابات والمؤشرات التي تدفع المحللين عالمياً للقول: إن الدخول في الركود الاقتصادي قد بدأ. بيانات النمو وبيانات التصنيع وأسعار النفط ومؤشرات الأسواق المالية والعملات ومؤشرات التوقعات المستقبلية الصادرة خلال النصف الأول من الشهر الحالي جميعها (لا تبشر خيراً). والبداية من مؤشرات النمو الاقتصادي والصناعي تحديداً.

الناتج الألماني لم ينمُ والصيني متراجع

تقلص الناتج الإجمالي الألماني بمستوى (-0,1%) في الربع الثاني من عام 2019 (أشهر 4-5-6)، بالقياس إلى الفترة ذاتها من العام الماضي. ويعيد المحللون هذا إلى تراجع الصادرات الألمانية التي تقود اقتصاد البلاد، وحالة عدم اليقين الناجمة عن الحرب التجارية الأمريكية الصينية، وعدم اتضاح مصير بريكست وآثاره.

ولا ينفصل الوضع الألماني عن وضع النمو في المركز الصناعي الأهم عالمياً الصين، حيث إن الناتج الصناعي الصيني سجل نمواً سنوياً بمعدل 4,8% في شهر تموز 2019، ولكن هذا المعدل هو الأخفض منذ عام 2002، وقرابة عشرين عاماً. حيث يتوقع المحللون بأن الاقتصادي الصيني بعد هذه المؤشرات لن يستطيع أن يحقق هدف النمو الموضوع لعام 2019 والبالغ 6-6,5% إلا بعمليات تحفيز حكومية مباشرة.
الارتباط بين الاقتصادين كبير، فالصناعات الألمانية وتحديداً صناعة السيارات والسلع الرأسمالية (آلات ومعدات وغيرها)، هي من أنجح الصناعات الغربية المتمركزة في الصين، كما أن الصادرات الأوروبية إلى الصين قد تقلص نموها بمعدلات كبيرة، فبينما كانت تنمو بمعدل 14% في 2017، فإن هذا النمو تراجع إلى 1,5% فقط في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي. ويقدر البعض بأن منتجي السيارات الألمانية: فولكسفاغن، أيملر، وبي أم دبليو، يحصلون على ما يقارب ثلث دخلهم تقريباً من الصين، حيث مبيعات السيارات أخذت بالتراجع بعد سنوات من النمو الاستهلاكي السريع. وللتراجع الصيني أثر كبير على ألمانيا التي تعتمد على التصدير، وتعتبر الصين هي سوقها الأكثر نمواً، وهي الوجهة الثالثة للصادرات الألمانية بعد الولايات المتحدة وفرنسا.

نمو إجمالي ضعيف في الولايات المتحدة وأوروبا

بشكل عام، فإن معدلات النمو الاقتصادي العالمي في الدول الأعلى دخلاً تشهد تراجعاً عن معدلاتها المنخفضة أساساً. فالناتج الإجمالي في منطقة اليورو لم ينمُ إلا بمعدل لا يتجاوز 0,2% في الربع الثاني من 2019، و0,4% في الربع الأول. 

وقد انكمش الناتج في ألمانيا وبريطانيا والسويد، وتراجع في باقي الدول الأساسية.
أما في الولايات المتحدة فإن عدد ساعات العمل في قطاع التصنيع سجل في هذا العام أقل مستوى له منذ عام 2011، وهو الذي يعكس تراجعاً في التوسع في القطاع الصناعي، كما تراجع معدل النمو الاقتصادي الإجمالي في الربع الثاني إلى 2,1%، بينما كان في الربع الأول 3,7%.
كما أن معدل الاستثمار من الناتج الإجمالي شهد أقل معدلات له منذ أواخر التسعينيات، وتأتي هذه المؤشرات الإجمالية بعد تخفيض أسعار الفائدة، وتوقع حزمة تمويل جديدة من البنك الفيدرالي.
في الاقتصاديات الصاعدة كذلك الأمر، والمؤشر الأبرز يأتي من الصناعة التركية التي تراجعت بمعدل كبير -3,9% في شهر حزيران 2019 عن شهر حزيران 2018. والتراجع في الناتج الصناعي التركي مستمر شهرياً منذ تسعة أشهر تقريباً، بعد أن كان ينمو بمعدل قياسي في منتصف عام 2017 إذ وصل إلى نمو سنوي: 15%.

المستثمرون يتوقعون الركود

على إثر هذه البيانات، واضطرابات الحرب التجارية العالمية، تراجعت المؤشرات المالية في الأسواق العالمية بشكل حاد، وتحديداً في أسواق أسهم الشركات عبر العالم.
ولكن المؤشر المالي الأهم الذي يعكس توقع الركود، هو مؤشر انخفاض عوائد الأسهم. وتحديداً ظاهرة (انعكاس منحنى العائد yield curve inversion). وهو الذي يعبر عن انخفاض توقعات المستثمرين للأمد الطويل، فالمستثمرون عبر العالم يتوقعون أن تكون العوائد بعد عشر سنوات أقل مما هي عليه خلال عامين قادمين. وهو مؤشر عادة ما يسبق الركود الاقتصادي. حيث يشير المحللون إلى أنه منذ عام 1955 فإنّ كل ركود صغير أو كبير قد سبقة انعكاس منحنى العائد، بمعدل 9 مرات من كل 10 مرات.
بالمقابل، فإن العملات العالمية بدأت تنخفض، والبداية من اليوان الصيني الذي انخفض عن مستوى 7 يوان مقابل كل دولار، ولكن هذا لم يتسبب باضطرابات كبرى في أسواق المال الصينية، لأن المستثمرين يعيدونه إلى إجراءات حكومية صينية كرد على الحرب التجارية الأمريكية، حيث تخفيض اليوان يعزز من الصادرات الصينية العالمية.
ولكن الحال ليس نفسه في الأسواق الأخرى، حيث انخفضت الليرة التركية، والبيزو الأرجنتيني مجدداً، وهي من أكثر عملات الدول الصاعدة هشاشة خلال الأعوام القليلة الماضية.
وأخيراً أسواق النفط، التي انخفضت إلى سعر 54$ لنفط غرب تكساس وسعر 58$ لخام برنت بتراجع بنسبة 1,2% و2% على التوالي، ثم عادت للارتفاع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
927
آخر تعديل على الإثنين, 19 آب/أغسطس 2019 13:43