الامتيازات لا توقف سيل اللُعاب على الأرباح

الامتيازات لا توقف سيل اللُعاب على الأرباح

عُقد «منتدى المال والمصارف والتأمين» وذلك في قصر الأمويين للمؤتمرات بدمشق، وقد تضمن جدول أعمال المنتدى خمس جلسات على مدى يومين، بتاريخ 28- 29/11/2018.

المنتدى كان برعاية وزارة المالية، وقد حضره بالإضافة إلى وزير المالية كل من حاكم مصرف سورية المركزي، ورؤساء غرف التجارة والصناعة في كل من دمشق وحلب وبعض المحافظات الأخرى، بالإضافة إلى العديد من رجال الأعمال والمستثمرين.
توصيات ملفتة
لقد خلص المنتدى إلى بعض التوصيات، نبوبها بحسب ما أوردتها الصفحة الرسمية لوزارة المالية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، كما يلي:
- دعم تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر (بمشاركة الفعاليات الاقتصادية وبدعم منها) بإجراءات ميسرة وبضمانة اجتماعية، ودمجها بالاقتصاد المنظم.
- تنويع ضمانات القروض وعدم اقتصارها على الضمانات العقارية، واعتماد فكرة التمويل للمشاريع الكبرى على مراحل حياة المشروع بضمانة المنشأة وموجوداتها.
- الإسراع بإطلاق مؤسسة ضمان مخاطر القروض، لدعم عملية تمويل المشاريع.
- تطوير التشريعات المالية والمصرفية بما يضمن تعزيز الشفافية والمرونة لتشجيع الاستثمار.
- التطوير الإداري والفني للمصارف العامة وإعطائها المزيد من الاستقلالية، والعمل على تبسيط الإجراءات وتطوير الكوادر البشرية.
- استكمال إجراءات استصدار قانون الاستثمار الجديد.
- تشجيع إنشاء صناديق الاستثمار والمحافظ الاستثمارية لتمويل المشاريع الصناعية والزراعية الإستراتيجية، تُنشئها شركات قابضة جديدة تؤسس لهذا الغرض.
- تفعيل الأدوات الادخارية، مثل: شهادات الإيداع والسندات والصكوك الإسلامية، وتشجيع تداولها في سوق دمشق للأوراق المالية.
- تفعيل قانون التشاركية، وخاصة في مجال المرافق والمشاريع الحيوية، الأمر الذي يتطلب تطوير نماذج جديدة لعقود الـ (BOT).
- تعزيز نشاط سوق دمشق للأوراق المالية بتشجيع تأسيس الشركات المساهمة العامة (صناعية وزراعية) ومنحها مزايا تفضيلية.
- تحمل الدولة جزءاً من سعر الفائدة الدائنة للقروض الممنوحة للقطاعات المستهدفة بالدعم والتشجيع الحكومي.
إضاءات إضافية
جرت خلال المنتدى نقاشات استناداً إلى محاورها المبوبة وفقاً لجلسات العمل، وفيما يلي بعض ما رشح عبر وسائل الإعلام على لسان بعض المنتدين:
أكد وزير المالية خلال المؤتمر أن: «الحكومة تدرس إعادة تفعيل وإطلاق ومنح كل أشكال القروض والتسهيلات بمختلف أنواعها». قائلاً إن: «إيداعات السوريين في المصارف بلغت 1800 مليار ليرة جاهزة للاقراض».
كشف حاكم مصرف سورية المركزي عن: «قرب صدور عدة قرارات جديدة قبل نهاية العام الحالي، تتعلق بتعديلات شروط الإقراض، تزيل كل العقبات أمام عمل القطاع المصرفي». مبيناً أن: «القرارات الجديدة قد تمت الموافقة عليها في مجلس النقد والتسليف، وهي حالياً قيد التصديق لدى رئاسة الحكومة». وأوضح أن: «المصرف يسعى لطرح أدوات مالية جديدة تكون قادرة على تحريك السيولة الموجودة لدى المصارف، كشهادات الإيداع بالعملة السورية والأجنبية، وإعادة تفعيل سندات الخزينة».
ركز رئيس اتحاد غرف التجارة على: «المشاريع المنتجة سريعة المردود والأكثر قدرة على التطوير».
دعا رئيس غرفة صناعة دمشق إلى: «قانون استثمار جاذب يقدم أراضيَ مجانية للمستثمر».
أكد أمين سر اتحاد غرف التجارة السورية على: «وجود وعود حكومية بمنح المستثمرين قروضاً بلا فائدة، وأراضي مجانية لإقامة مشاريعهم».
طمع وجشع أم «عشم ومونة»؟
التوصيات أعلاه، مع بعض ما رشح عن مجريات جلسات الحوار، ربما توضح بأنه لا سقوف لمطالب شريحة «رجال الأعمال والمستثمرين» من أجل الحصول على نسب أعلى من حصة الأرباح الاجمالية التي استحوذوا عليها حتى الآن، وما يتعشموه من الحكومة رسمياً، ربما من باب «المونة»، للحصول على المزيد والمزيد من الامتيازات، حيث لم يكفهم كل ما صدر حتى الآن من تشريعات وقوانين محابية لمصالحهم، رغم كل القروض الكبيرة «المتعثرة»، ورغم كل ما جنوه من أرباحٍ طيلة السنوات والعقود الماضية، بالمقارنة مع محدودية مشاريعهم ونتائجها على المستوى الاقتصادي الاجتماعي، وما رُوِّج طيلة السنوات الماضية حول مزايا «تشجيع الاستثمار» و«قانون التشاركية» الذي سيطعم السوريين «اللوز والسكر»، ولم يجر عليهم إلا المزيد من البؤس والفقر بالتوازي مع بقية السياسات المعتمدة، بل ما زالوا يطالبوا بالمزيد من المزايا والاستثناءات والتسهيلات، لدرجة أن تتحمل الدولة الفوائد على القروض الممنوحة لهم من مصارفها، وحتى ربما من المصارف الخاصة، مع المطالبة بمنحهم الأراضي مجاناً كذلك الأمر!.
ولعل الأمر البادي للعيان الآن، بالإضافة إلى كل ما سبق أعلاه من مؤشرات تؤدي للمزيد من التردي الاقتصادي الاجتماعي، هو أن مبلغ الـ (1800) مليار ليرة، الموجودة في المصارف بحسب تصريح وزير المالية، لوحده كافٍ ليسيل لُعاب «رجال الأعمال والمستثمرين» عليه، ولا أحد يعلم ما يُرسم من أجله، إلا المرفوع عنهم الحجاب من أصحاب القرار والجواب!.
حصاد الخسارات
إذا كانت الحكومة ستمنح أراضي الدولة مجاناً للمستثمرين، المحليين والأجانب، كما ستمكنهم من تمويل مشروعاتهم عن طريق الإقراض بدون فوائد من المصارف الحكومية أو الخاصة، أو ستحملها للدولة، وإذا كانت ستفسح المجال أمامهم للاستثمار في القطاعات كافة دون استثناء، وفقاً لقانون التشاركية وغيره، بما فيها ما يمكن اعتباره سيادي، مع الحق بتحويل الأرباح ورأس المال إلى الخارج، مع الكثير من التسهيلات والامتيازات والاعفاءات الضريبة والجمركية وسواها، فما الذي تبقى للمستثمرين كي يقدموه على المستوى الاقتصادي الاجتماعي، سوى ما تمثله أسماؤهم ربما، والأهم: ما هي الفائدة المرجوة للدولة من كل ذلك؟ اللهم ربما حصد المزيد من الخسارات!
ولم لا، فمع الاستمرار بالسياسات الليبرالية المحابية لهذه الشريحة على حساب بقية الشرائح الاجتماعية، كما على حساب الاقتصاد الوطني، لا أحد يعلم ما قد تُسفر إليه التوصيات والنقاشات أعلاه من نتائج حكومية رسمية تتوافق مع هذه السياسات، على شكل تشريعات أو قرارات، لاحقاً!.