الطابور الخامس الروسي... عبر العقوبات الأمريكية

الطابور الخامس الروسي... عبر العقوبات الأمريكية

أصدرت وزارة المالية الأمريكية ما أسمته قائمة الكرملين، بأسماء حوالي 114 مسؤول روسي كبير، وحوالي 69 من الأثرياء الروس ممن يملكون ثروات صافية تقارب تريليون دولار... وهذه القائمة التي لم تقر عليها عقوبات كاملة بعد، وتركت بجزء منها مفتوحة، هي وسيلة ضغط سياسية من نوع خاص على الاقتصاد الروسي.

تم التلويح بهذه القائمة منذ شهر 8 من 2017، وأصبح بالتالي مجموع الأفراد الروس المطبقة عليهم عقوبات أمريكية منذ عام 2012: 181 شخصية، من بينهم مواطنون ألمان وصينيون. بالإضافة إلى حوالي 434 شخصية اعتبارية من شركات ومؤسسات.

عقوبات على الأثرياء والموظفين لاستمالتهم

أعطت القائمة طابعاً مفتوحاً بجزءٍ منها، أي تمّ وضع احتمال لحذف وإلغاء بعض الأسماء، وعدم وضع أموالها على قائمة العقوبات المالية الأمريكية، التي تعني تقييد شديد لحركة أموال هؤلاء، وإمكانية مصادرة أموالهم في الغرب، ومنع التعامل مع شركاتهم ومؤسساتهم وأعمالهم.

فوربس، وكالة إحصاء أثرياء العالم، تقول: إن القائمة الأخيرة مأخوذة من قائمة فوربس لأثرياء روسيا لعام 2017، ولكن الأكاديميين الروس يشيرون إلى أن المسألة أبعد من ذلك، حيث يتم الحديث عن قوائم عقوبات احتياطية أمريكية قد تضم حوالي 50 ألف اسم من النخب الروسية المالية تحديداً، وموظفي الدولة. ويعتقد البعض أن القائمة المعدّة من قبل وكالة الإنتلجينسيا الأمريكية، وهي وكالة قديمة أصبحت معنية بالدرجة الأولى بجمع المعلومات حول الأشخاص (الخطرين بدعمهم للإرهاب، وبخطرهم على الاقتصاد الأمريكي). حيث يشير الأكاديميون الروس، أن لهذه الوكالة إمكانات دعمٍ كبيرةٍ بالمعلومات، من قبل الطابور الخامس في داخل روسيا، حيث تشير أصابع الاتهام إلى نموذجٍ من كبار الموظفين الروس المنتقل إلى الخندق الآخر، وهو المستشار السابق للرئيس الروسي للشؤون الاقتصادية أندريه ايلاريونوف. كما يشير البعض إلى دور إقليمي وتحديداً في كازاخستان، وبيلاروسيا.

الغرض من هذا النوع من العقوبات، هو: إبقاء نخبة الأثرياء وكبار الموظفين الروس، في حالة توتر وضغط، وإبقاء الباب مفتوحاً بالمقابل للتعاون. أما في البعد الاقتصادي المباشر لهذه العقوبات، فإن خروج رؤوس الأموال من روسيا هو الهدف الأساس.

ما خرج من أموال أكثر مما بقي ليخرج!

يعتقد بعض المختصين الروس، بأن تدفق رؤوس الأموال إلى خارج روسيا قد أخذ أبعاده الواسعة خلال الأزمة المالية، ومع مطلع العقد الحالي، وهو مستمر حالياً. ولكنهم يعتقدون أنه وببساطة لا يمكن أن يتوسع خروج الأموال أكثر من هذا، لأن ما خرج هو أكثر مما بقي من الأموال القابلة للحركة.

في عام 2017 أعلن المركزي الروسي، أن حوالي 31.3 مليار دولار قد خرجت من روسيا في عام 2017، ما يعني أن الرقم قد تضاعف بمقدار 1.6 مرة عن تصريحات وتقديرات المركزي خلال العام. وهو ما يفسره البعض، بأنه تهاون من المركزي مع الأموال الخارجة، وتغطية عنها، ليصلوا إلى التصريح بأن المصرف المركزي يفقد السيطرة. والأهم أنهم يرون بحركة رؤوس الأموال هذه، بداية استجابة للنخب المالية الروسية مع ضغوط العقوبات الأمريكية.

يرى البعض، بأن هذا النوع من الضغط، ومن حركة رؤوس الأموال، ومن أداء المركزي الروسي، يفتح احتمال انهيارات في قيمة الروبل، وتحديداً مع اليقين بتوسيع العقوبات. والتراجع السريع في قيمة الروبل سيدفع بالتالي إلى موجة انتقال لرؤوس الأموال إلى خارج روسيا.

وفي سياق المطلوب يرى الباحثون، أن إمكانية استعادة رؤوس الأموال الخارجة هي عملية مستحيلة، وتحديداً في ظل العقوبات التي تمنع عودة الأموال إلى روسيا. معتبرين أن العامل الأهم هو: التركيز على نمو الاقتصاد الداخلي، والاستعداد لفقدان رؤوس أموال، وإيجاد الطرق التعويضية. ويرى البعض، أن التعامل السياسي مع الطابور الخامس ضروري، ويذهبون إلى القول: بأنه أصبح من الضروري أن تنشر قوائم روسية بأسماء النخب المالية وكبار الموظفين المصنفين كطابور خامس، عوضاً عن انتظار القوائم الأمريكية ثم التعامل معها.

 

*قراءة في مقالين لفالنتين كاتاسانوف: المصرف المركزي يفقد السيطرة!_ توقعات من قائمة الكرملين.