توليد الكهرباء: توقف شهرين (لعدم الحاجة)!
يتصدر قطاع الكهرباء أزمات البنى التحتية الكبرى، التي يبدو تدهور أوضاعها خلال الأزمة باتجاه واحد، دون أي مؤشرات على إمكانيات تحسن حتى في ساعات التقنين، وبالرغم من هذا فإن البنى التحتية للقطاع لم تتعرض لأضرار كبرى جدية بالقياس إلى مستوى التدهور في خدمات الكهرباء..
قدم أحد المختصين في القطاع الكهربائي في سورية، قراءة اقتصادية لبعض البيانات حول أوضاع المحطات الكهربائية السورية في عام 2015، نستعرض في هذا العدد والعدد اللاحق، بعضاً من أهم بياناتها لنطرح بعدها بعض الأسئلة على المعنيين بالتفسير والإجابة..
محرر الشؤون الاقتصادية
لا تزال 15 محطة من أصل 17 محطة كهربائية في سورية قيد العمل، وهي الدير علي وتوسعها، تشرين البخارية والغازية، والناصرية في ريف دمشق، الزارة وجندر وتوسع جندر وزيزون ومحردة في ريفي حمص وحماة، بالإضافة إلى محطة حلب، والسويدية في الحسكة، ومحطة بانياس، وبانياس الغازية، وأخيراً التيم في دير الزور تعمل ساعات قليلة، وعموماً باستثناء قطينة والفرات التي لا تذكرها البيانات، فإن جميع محطات التوليد السورية المتوزعة بين ريف دمشق، وحمص، وحماة وحلب وبانياس، لا تزال قيد العمل، ولكن بساعات متفاوتة..
بقي ثلث الإنتاج..
الاستطاعة المتاحة لمجمل المحطات العاملة، تعادل نسبة جيدة من الاستطاعة الاسمية، حيث نسبة الاستطاعة المتاحة من الاسمية لمجموع المحطات الـ 17، تزيد على 80% تقريباً. والأهم أن الاستطاعة المتاحة في هذا العام تسجل ما يزيد على 6900 ميغا واط.
وبكل الأحوال فإن الإنتاج الكلي للمحطات قد بلغ 18,9 مليار كيلو واط في عام 2015، بينما الإنتاج الكلي في العام الماضي قد بلغ 21 مليار كيلو واط ساعي.
*تم تقدير رقم الإنتاج في عام 2016 بناء على التصريحات بأن كميات الإنتاج حتى نهاية شهر 10- 2016 تبلغ 13 مليار كيلو واط ساعي فقط، وبافتراض أنها تمثل نسبة 83% من إنتاج العام الكامل: 10 أشهر من 12 شهر.
أي أن إنتاج الكهرباء المتوقع لعام 2016 في سورية يبلغ 32% تقريباً من إنتاج الذروة في 2011 أي تراجع الإنتاج بمقدار الثلثين!
حيث الخسارات الأكبر في الأعوام الثلاثة الأولى، وتحديداً في عام 2013، عندما شكلت الخسارات المتتالية في قطاع النفط، صدمات للقطاع الكهربائي، إلا أن التراجع لم يتوقف في عامي 2015 و 2016، حتى بعد أن استقر وضع القطاع النفطي على الاستيراد، وبالسعر العالمي، وبخطوط ائتمانية من الدول الصديقة، حيث بقيت خسارات إنتاج الكهرباء بمعدلات عالية، رغم أن جميع المحطات قادرة على العمل، ولم تتدمر بناها التحتية..
المحطات متوقفة ربع العام!
يشير المختصون إلى أن عدد ساعات التوقف عن العمل في المحطات يعتبر ملفتاً، وخصوصاً إذا ما تم التدقيق في أرقام كل محطة على حدى.
أما بالمجمل فنستطيع القول بأن المحطات في سورية، بمجموعها قد توقفت قرابة ربع العام في عام 2015. أي توقفت قرابة 84 يوم، وعملت حوالي 280 يوم عمل متواصل.
حيث أن ذروة ساعات العمل خلال عام لكل محطة تقارب: 8730 ساعة عمل تقريباً، وبينما تصل بعض المحطات السورية في عام 2016 إلى عدد ساعات عمل قريبة من الذروة، فإن بعضها لا يعمل إلا نسبة قليلة جداً، بالقياس إلى ساعات التوقف.
توقف لعدم الحاجة!
أما أسباب التوقف فمختلفة ويصنفها المختصون بحسب البيانات: توقف طارئ للصيانة- توقف مبرمج للصيانة- توقف نتيجة عدم الحاجة، وهو العنصر الذي لا يجد تفسيره إلا بسبب أعمال عدم توفر الوقود، أو التوقيف غير مفهوم الأسباب. والشكل التالي يوضح كيف تتوزع ساعات التوقف الإجمالية للمحطات، بين الأسباب الأساسية، حيث أن المحطات قد توقفت بشكل مقصود لتتم فيها عمليات صيانة مبرمجة بمقدار: 8,5 يوم تقريباً، ونسبة 10% من أيام التوقف.
وتوقفت لعمليات صيانة طارئة نتيجة الأعطال والحوادث بمقدار أسبوعين تقريباً، ونسبة 17% من أيام التوقف. وتوقفت بمجموعها حوالي شهرين كاملين، أي قرابة 1460ساعة عمل، ونسبة 73% من ساعات التوقف الإجمالية، نتيجة: (عدم الحاجة).
يشير المختصون إلى أن نسبة 60% من مرات فصل المحطات، قد كانت اضطرارية، وليست كل الحالات الاضطرارية هي ناجمة عن الطوارئ أي الحودث والاعتداءات أو الأوضاع المرتبطة بالوضع الفني للمحطات، التي لم تساهم إلا بنسبة 17% من أيام التوقف، بل كثير من مرات الفصل ترتبط بعدم توفر الوقود، والتي غالباً تصنف بتوقف (لعدم الحاجة).
وتتباين المحطات كثيراً فيما بينها، بحسب ساعات العمل والتوقف، لتعمل بعضها على مدار العام، وبساعات قريبة من ذروة الساعات، ويتوقف بعضها معظم العام لأسباب (عدم الحاجة)، المرتبط غالباً بعدم توفير الوقود لعمل هذه المحطة أو تلك.
أكثر المحطات مساهمة في إنتاج الطاقة الكهربائية في سورية، هي محطة جندر في حمص، بينما أحدث المحطات في الدير علي وتوسعها، هي الأقل إنتاجاً والأكثر توقفاً، بينما أعلى المحطات استطاعة في حلب تعمل نصف العام وتتوقف نصفه الآخر. بينما تبدي بعض المحطات القديمة والصغيرة استنفاراً استثنائياً من حيث عدد ساعات العمل، وفي التفاصيل نورد التالي ..
•أسباب توقف محطات التوليد
الدير علي وتوسعها: (لا حاجة لها)!
استطاع محطة الدير علي مع توسعها، هي الألى في سورية، حيث تفوق استطاعة جندر وتوسعها، وتفوق استطاعة حلب، وتشكل نسبة 17% تقريباً من الاستطاعة الإجمالية للمحطات السورية. ولكن محطة الدير علي قد عملت قرابة 48 يوم فقط خلال عام 2015، وتوقفت 317 يوم خلال السنة، من ساعات التوقف هذه 3 ساعات للصيانة بحسب المختصين، والباقي هو لعدم الحاجة!.
كذلك الأمر في توسع الدير علي، التي عملت قرابة 40 يوم، وتوقفت باقي العام لأسباب عدم الحاجة، وليس للصيانة أو للطوارئ.
فما الأسباب التي تجعل المحطة الأحدث والتي تعمل على الغاز والفيول معاً، متوقفة طوال العام تقريباً؟! والتي يمكن أن تضيف إلى الإنتاج أكثر من 5 مليار كيلو واط ساعي، إذا ما عملت بعدد ساعات عمل محطة جندر على سبيل المثال!
محطات محيط دمشق والهدر الكبير
إن المحطات المحيطة بدمشق، هي الاكثر توقفاً، وليس لأسباب الصيانة أو الطوارئ، حيث يشير المختصون أنه إذا ما جمعنا ساعات التوقف لعدم الحاجة لمحطات: الدير علي، تشرين، الناصرية، فإن المجموع يبلغ هدر 1440 يوم من إنتاج الكهرباء تقريباً، بمعدل توقف وسطي 10 أشهر لكل محطة: الناصرية، وتشرين: البخارية- الغازية- المركبة، والدير علي وتوسعها. بينما دمشق هي من أكثر المناطق استهلاكاً وطلباً، حيث يتم تأمين حاجاتها من محطة جندر بشكل أساسي، ما يؤخر إمكانية تزويد حمص والمنطقة الوسطي بالكهرباء الكافية.
جندر وتوسعها الأعلى إنتاجاً
عملت محطة جندر في حمص طوال العام تقريباً، وعلى مدى 24 ساعة، وتوقفت حوالي الشهر فقط، معظمها للصيانة الطارئة، بينما توسع محطة جندر فقد توقفت حوالي 100 يوم، معظمها لعدم الحاجة، وعملت قرابة 265 يوم. إلا أن المحطة وتوسعها ساهمت بالنسبة الأعلى من إنتاج هذا العام 30% من الإنتاج، وحوالي 5,6 مليار كيلو واط ساعي.
وتعتبر محطات محافظة حمص الأعلى إنتاجاً، حيث أن جندر وتوسعها، والزارة تنتج مع بعضها قرابة 9,4 مليار كيلو واط ساعي، ونسبة 50% من الإنتاج الكهربائي الإجمالي.
محطات صغيرة وعاملة!
من المحطات التي عملت لأوقات طويلة، وأقرب إلى وقت الذروة، تأتي محطة السويدية في محافظة الحسكة، والتي عملت 348 يوم من أصل 365، ولكن استطاعتها المتاحة القليلة والبالغة 118 ميغا واط ساعي، جعلت إنتاجها يقتصر على: 0,7 مليار كيلو واط ساعي، وبنسبة 4% من الإنتاج الكلي.
تليها من حيث عدد ساعات العمل محطة الزارة، والتي عملت 336 يوم، توقفت أقل من شهر، 12 يوم للصيانة الطارئة، والباقي للصيانة المبرمجة، ويوم واحد لعدم الحاجة، وهي قد ساهمت بـ 20% من الإنتاج أي حوالي 3,8 مليار كيلو واط ساعي.
تليها محطتي بانياس، وبانياس الغازية، وقد عملتا وسطياً بمقدار 320 يوم، وتوقفتا وسطياً بمقدار 45 يوم، معظمها للصيانة الطارئة، والمبرمجة، وساهمت المحطتين بإنتاج 16% من إنتاج الكهرباء الإجمالي بما يقارب: 3,2 مليار كيلو واط ساعي.
محطات تعمل أقل من نصف العام
مجموعة المحطات الباقية تعمل بأقل من نصف عدد ساعات العمل الأقصى، أي بأقل من 4400 ساعة عمل تقريباً. فمحردة توقفت 180 يوم، وتشرين المركبة توقفت 218 يوم، وفي المحطتين معظم التوقف لعدم الحاجة. الناصرية في ريف دمشق توقفت 7 أشهر، 3 للصيانة، وأربعة لعدم الحاجة. حلب عملت قرابة 4,5 شهر وأنتجت في أيام عملها 0,5 مليار كيلو واط ساعي، وأخيراً زيزون عملت بين 3-4 أشهر فقط.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 786