الحملة الوطنية لمقاطعة شراء واستهلاك اللحوم الحمراء.. من محاربة الغلاء الفاحش... إلى مبدأ المقاطعة

شهدت الأسواق السورية في الأيام التي سبقت شهر رمضان غلاءً فاحشاً لمعظم السلع الاستهلاكية، لكن الزيادة الكبرى كانت على أسعار السكّر واللحمة، الأمر الذي أثار استياء المواطنين، ما حدا بجمعية حماية المستهلك لإطلاق حملة وطنية لمقاطعة اللحوم، تدعو فيها المستهلكين للدفاع عن أنفسهم في كل قضية استهلاكية لا تراعي مصالحهم ومصالح أسرهم، محاولين تكريس هذا العرف، عرف مقاطعة أية سلعة أو خدمة ترتفع أسعارها دون وجه حق، أو تنخفض نوعيتها إلى حدود لا تتفق مع المواصفات المقررة للسلع.. بالانطلاق من قاعدة أن حماية المستهلك وتلبية حقوقه، يمكن تحقيقها بإرادة المستهلك عبر اتخاذ الموقف الصحيح نحو من يتجرؤون عليه برفع أسعار السلع والخدمات دون مبرر وبأساليب احتكارية.

«قاسيون» التقت د. جمال السطل أمين سر جمعية حماية المستهلك للوقوف على ماهية الحملة ومدى نجاحها في الظرف الاقتصادي الحالي.

 • د. جمال، لماذا الحملة الآن؟ وما هي غايتها؟

أسعار اللحوم الحمراء وبخاصة لحم الغنم، ارتفعت بشكل جنوني خلال الأشهر الماضية، ويرجع المسؤولون الأسباب لارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً ومحلياً، ولأن المربين قد أحجموا عن الذبح، لكن الحقيقة هي أن السبب الرئيسي للغلاء هو عمليات التصدير التي تتم على قدم وساق بالتوازي مع عمليات التهريب المستمرة، ولابد من ذكر هذه المفارقة العجيبة، ففي السعودية يباع لحم العواس السوري بـ600 ل.س بينما تباع هنا في سورية بـ900 ل.س، أي بفارق 300 ل.س دون حساب الضريبة الجمركية وقيمة المواصلات، إذاً التصدير اللامسؤول هو السبب الرئيسي، وعندما طالبنا بإيقاف التصدير جاء الرد أنه لا يمكن إيقافه حتى لا نخسر قواعد وضوابط التصدير مع الدول الأخرى، فدعونا للاحتجاج والمقاطعة لمدة خمسة أيام على أقل تقدير، لعل وعسى أن تحس الجهات الرسمية بالمواطن المغلوب على أمره، وقد قامت وزارة الاقتصاد بتخفيض حجم التصدير إلى النصف، لكن السؤال هو: لماذا لا توقف الحكومة التصدير كلياً من الآن وإلى نهاية عيد الأضحى؟!

• هل يمكن للناس الاستغناء عن اللحوم؟

نحن لم نطلب الاستغناء النهائي عن اللحم، لكن لابد من خطوة في هذا الاتجاه وتقديم إرشادات للمستهلك من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية التي لم تساهم في الحملة كما توقعنا ورسمنا لها إعلامياً.

• ما موقفكم من تحرير الأسعار؟

هكذا قرار يعود اتخاذه للدولة، وأنا أؤكد أن أسعار اللحم ليست محررة بل يتم تسعيرها في المكاتب التنفيذية بالمحافظات كافة، ولكن للأسف لا توجد أسس لضبطها، فمثلاً قد يكون السعر المعلن للحم الخروف 450 ل.س فقط، ولكنه يباع بالسوق بـ800 ل.س، وهذا يؤكد حاجاتنا إلى أسس وقوانين في عملية ضبط الأسعار.

• إذاً لماذا لا تضرب الحكومة بيد من حديد كما تدّعي عند حدوث أي ارتفاع لأسعار السلع؟

إن الحكومة ليس بإمكانها أن تضرب بيد من حديد، لكن يمكن أن تقدم شيئاً للمواطن عبر اعتمادها أسلوب البيع ضمن منافذ المؤسسات الحكومية لكسر الأسعار.

• ألا يعد الاحتكار عاملاً رئيسياً لارتفاع الأسعار؟ ولماذا لا تتحرك الحكومة لكسره؟

المشكلة في التصدير والتهريب، والمستهلك السوري هو الضحية، وستبقى الحال كذلك إلى أن نمتّن الدور التدخلي الإيجابي للدولة بالسوق..

• هل لديكم الإمكانيات لتلعبوا هذا الدور؟

«بحصة بتسند جرة»، فإمكاناتنا ضعيفة وأموالنا قليلة، فنحن مجموعة متطوعين، ونتمنى أن يتعاون المواطنون معنا.

• هل اللحمة بحاجة لكل هذه الضجة؟ وكم عدد المواطنين السوريين الذين باستطاعتهم أصلاً تناول اللحمة على مائدتهم؟

إن أعداداً كبيرة من المواطنين لا يستطيعون شراء اللحمة، لأن وضعهم ومستوى دخلهم لا يساعدهم على ذلك، وهناك مواطنون قد لا يتناولونها إلا مرة واحدة في السنة، أي في شهر رمضان فقط.

• أخيراً ما أوجه التعاون بينكم وبين وزارة الاقتصاد للسيطرة على هذه المشكلات؟

نحن نعمل دون توجيهات أية وزارة، وخاصة وزارة الاقتصاد، وإذا تم دعمنا بالشكل المطلوب، فإننا قد نلعب دوراً أهم من وزارة الاقتصاد، وعلاقتنا مع وزارة الاقتصاد هي مجرد إبلاغها بنسب ارتفاع الأسعار. وقد نتفق مع بعض السياسات التي تنتهجها الوزارة، وقد لا نتفق، وهذه حالنا مع الوزارات كافة.