وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل لقاسيون: «أجانب» الإحصاء الاستثنائي سوريون تماماً..
لم تعد القرارات والقوانين حكراً على سلطات معينة، وحتى التشريعات أصبح لها أكثر من رأي، والتعميمات والبلاغات لم تعد تصدر أيضاً عن رئاسة مجلس الوزراء، بل عن عدة مجالس حتى وصل الأمر ببعض المدراء إلى التلاعب والتعاطي معها بطريقة خطيرة ومعاكسة تماماً للسياسة العامة، دون أي رقيب أو حسيب ولغاية في نفس يعقوب..
ولكي لا نبقى في المجرد، لنِطَلِّع بداية على البلاغ الذي أرسله مدير الشؤون الاجتماعية والعمل بالحسكة السيد محمد حسن بربهان بتاريخ 3/7/2007 إلى محافظة الحسكة، إذ يقول فيه:
«عملاً ببلاغ رئاسة مجلس الوزراء رقم 19/ب/4286/15 تاريخ 8/6/2002 ولا سيما الفقرة /2/ منه وتوجيهات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وآخرها الكتاب رقم 6066/ع/2 تاريخ 26/6/2005، ولاحقاً لتعاميم سيادتكم المستندة إلى البلاغات والقانون قم /91/ لعام 1959 وتعديلاته، ولا سيما التعميمين رقم 2278/س/14/2 تاريخ 14/1/1992 والتعميم رقم 4983/ح تاريخ 31/8/1994 والموجهين إلى الدوائر والشركات والمتضمن عدم تشغيل العمال الأجانب إلا بعد الحصول على الترخيص اللازم من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل.
يرجى التفضل بالإطلاع والتكرم بتوجيه مدراء الشركات والمؤسسات بعدم تشغيل العمالة الأجنبية إلا بعد الحصول على ترخيص العمل المنصوص عنه في المادتين /35/ و/36/ من قانون العمل رقم /91/ لعام 1959.
أما بالنسبة للأجانب الحاصلين على بطاقات عمل، ويعملون لدى هذه المؤسسات فيتوجب عليهم تجديد هذه البطاقات فور انتهاء المدة الممنوحة فيها، مع العلم أن مدتها لا تتجاوز العام الواحد ويجب تجديدها كل عام، واستمرار العامل بالعمل دون تجديد هذه البطاقة يعتبر مخالفاً لأحكام القانون». انتهى البلاغ.
وهكذا، ولكي يصطاد مدير الشؤون الاجتماعية والعمل بالحسكة أسماكه في الماء العكر، بعث تعميمه إلى مجالس المدن والبلدات والقرى الاعتبارية كافة والبلديات والدوائر الرسمية وفروع المؤسسات والشركات العامة وفروع المصارف في محافظة الحسكة كافة، للتقيد بمضمون البلاغ مع التوجيه الشفهي «العملي» للجميع بأن أبناء محافظة الحسكة (الأجانب) بحكم الإحصاء الاستثنائي لعام 1962، والعاملين في تلك الدوائر الرسمية، يتدرجون ضمن: (رعايا أية دولة أجنبية)، وسيعاملون كما يعامل أي أجنبي/ إيطالي روسي، هندي...
ولأن هذا الموضوع بغاية الخطورة، وللوقوف على حيثيات هذا التعميم الخطير الذي يأتي في وقت حرج جداً، التقت قاسيون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل د.ديالا الحاج عارف وسألتها عن حقيقة الأمر..
■ هناك تعميم وقرار صادر عن مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بالحسكة بناء على البلاغ الصادر عنكم، وعن رئاسة مجلس الوزراء يوصي جميع الجهات العامة بضرورة عدم تشغيل الأجانب إلا بعقد سنوي. ما هو مصير السوريين المحرومين من الجنسية بناءً على الإحصاء الاستثنائي عام 1962 ضمن هذا القرار. وهل ينطبق القرار عليهم أصلاً؟
د. ديالا: أولاً هناك تعامل خاص مع مواطنينا الأجانب بالحسكة، إلى أن ينتهي موضوع التجنيس الذي تعده وتقرره القيادة السياسية، لكن هناك تعامل خاص، وهؤلاء لا يدخلون في شرط المنافسة الذي له علاقة بغير السوريين، إذاً هم يعاملون معاملة السوريين تماماً، وحتى موضوع التثبيت وعدمه الآن بالنسبة للفئة الأولى والثانية في المعاهد، فإن لم يكن هناك مسابقات لا يحصل التثبيت، ونحن الآن نسعى ونعمل لإيجاد آلية أخرى للتعيين غير المسابقات والتثبيت، لكي نستطيع أن نكسب دوران اليد العاملة، لهذا فربما تكون فرصة أجانب الحسكة بالذات أفضل من غيرهم بكثير في هذا الموضوع.
إلا أن هذا لا يعني إطلاقاً انهم لا يأخذون الحصة والفرصة المتاحة لهم.
■ لكن التعميم واضح وصريح في نياته؟
لست أنا من يملك قرار منح الجنسية أو حجبها كوزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل، لكن ضمن السلطات المتاحة لي فإنني أستطيع، ولدي القرار، بأن لا أعتبر بأن هؤلاء ينافسون عمالة سورية، ومقتنعة أن المسألة مسألة وقت وزمن فقط إلى حين صدور القانون، وبالتالي لا نخضع هؤلاء لشرط المنافسة والكفالة المصرفية ولا نخضعهم أيضاً لبدل الترخيص.
■ ولكن هؤلاء مجبرون على توقيع عقود سنوية مثل رعايا أية دولة أجنبية، ويحسم منهم 5% من الراتب، فيكف يحصل ذلك؟
لا يمكن أن يكون هذا الأمر دقيقاً، لأن 5% من الراتب الشهري ولشهر واحد من السنة، وليس من الراتب السنوي، وهذا يعتبر تفسيراً خاطئاً للقرار حتى ولو طبق عليهم ذلك، أي أن العامل الذي يحصل على /20/ ألف ليرة في الشهر نأخذ منه /1000/ ل.س لمدة سنة كاملة، فإذا كان هذا الخطأ من الموظفين لدينا سوف يعالج حكماً وتعاد المبالغ الزائدة لهم ببطاقة العمل.
■ ولكن بطاقة العمل فيها مفارقة عجيبة، فكيف يكتب على بطاقة العمل المانحة لهم تاريخ دخولهم سورية في الوقت الذي يكتب على رأس البطاقة الحمراء التي تستعمل كهوية شخصية لهم «غير صالح لوثائق السفر خارج القطر».
كل هذا لكي لا نضع قانوناً خاصاً لهم، لأن القانون العام يشملهم فيما بعد، فما يهمنا الآن هو النتيجة وليس التفاصيل، والنتيجة أن هناك جهوداً حثيثة تبذل من القيادة السياسية لأجل إعطاء الجنسية والحصول على الحقوق المناسبة لهم، وهذا منتهٍ وغير قابل للنقاش، وبالنهاية بطاقة العمل بعيداً عن كل الخلفيات هي بمثابة حماية لهم من أجل تسجيلهم بالتأمينات الاجتماعية وما شابه ذلك من الضمان الاجتماعي.
ويبقى الفرق الأهم بينهم وبين أجنبي آخر أنهم لا يخضعون لشرط الكفالة المصرفية وشرط المنافسة، ويعاملون كسوريين تماماً في الحقوق والواجبات، أي إذا جاءنا أحدٌ ما من أجانب الحسكة ولنفترض أنه «طبيب» كما العريضة الموقعة من هؤلاء إلى رئيس الجمهورية، وجاء عامل آخر مصري على سبيل المثال، ويملك من الخبرات بما يكفيه للعمل لن نوقع له عقد عمل بوجود آخر سوري، حتى وإن كان لا يملك تلك الخبرات والمهارات.
■ السيد الرئيس أكد في أكثر من مناسبة أن الأكراد جزء من النسيج السوري وأن مشكلة الأجانب في طريقها إلى الحل، ولم يبق منها سوى رتوش، ووجه بمعاملتهم على هذا الأساس، فما دوركم أنتم كوزارة عمل بإنصافهم؟
نحن نحاول أن نحمي هؤلاء العمال من موضوع التعرض لحالات تنتهك فيها حقوقهم، وبالتالي هذه الضمانات هي لصالحهم، فعقد العمل لكل السوريين الذين يحملون الجنسية والذين لا يحملونها، ولن نسمح لأحد باستغلالهم، أما هل يعاملون معاملة العراقي أو المصري أو الفرنسي، إطلاقاً!! هذا غير وارد بتاتاً، لأن أخوتنا من القامشلي والحسكة وجميع مناطقها المحرومين من الجنسية من جراء الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 هم سوريون ويعاملون معاملة السوري تماماً، ولو نافسوا بخبرتهم ومهارتهم أي عامل من محافظة أخرى ليس لدينا أية مشكلة في توظيفهم، ولكن على ما يبدو هناك من يريد أن يصطاد في الماء العكر، لذلك حرصت على اللقاء مع جريدة قاسيون لإيضاح الأمر والمشكلة كما هي، لأن هؤلاء في عيوننا وقلوبنا والدفاع عنهم وعن حقوقهم من واجبنا.
■ هذا تماماً ما أكده مندوبنا الدائم في مكتب الأمم المتحدة في جنيف علي الحسين بتاريخ 19/8/2006 عندما قال إن سورية منذ آلاف السنين تحتضن ثروة بشرية من أعراق وديانات متعددة يتعايش أفرادها ضمن لحمة الشعب السوري، وأن القانون السوري يحمي الجميع من التمييز، ويعاقب كل عمل أو خطاب يقصد منه إثارة النعرات الطائفية أو العنصرية.
هذا صحيح.. لا علاقة لهؤلاء السوريين بباقي الأجانب، ولا سبيل للمقارنة، وليضعوا أيديهم وأرجلهم في الماء البارد، هم في أماكنهم وسيبقون يتمتعون بكل المزايا المتاحة لهم منذ عشرات السنين، والأسلوب السابق المتبع في طريقة منحهم تراخيص العمل بقي كما هو، تغيرت فقط نسبة الرسم الذي يزيد وينخفض حسب الأجور، ومن المستحيل أن يعاملوا معاملة غير السوري، و هذا يعتبر تصريحاً رسمياً على لساني كوزيرة لشؤون الاجتماعية والعمل.
■ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
ملاحظة لا بد منها..
قبل نشر اللقاء على الجريدة الورقية تم نشره على موقع قاسيون الالكتروني على شكل تصريح للسيدة الوزيرة، مما دفع بعض العاملين من (السوريين الأجانب) إلى تصوير الخبر وأخذه إلى مديرية الشؤون بالحسكة لتصحيح الخطأ، ولكن الرد كان فظيعاً.. فقد اعتبر موظفو الدائرة بأن كلام الوزيرة مجرد «حكي جرايد» لا يقدم ولا يؤخر شيئاً من التعميم!!
ترى ما رأي وزيرة العمل بذلك؟؟