مواطنة غير متكافئة قلة يعيشون في أبراج عاجية، وغالبية يعيشون في القبور
تبدأ محافظة دمشق بمشروع يسهم بشكل كبير في الحد من انتشار المخالفات، وذلك بمراقبة المدينة عن طريق الأقمار الصناعية. ويتضمن المشروع قاعدة بيانات تحليلية من عام 1970 وحتى عام 2010، تحتوي على قاعدة بيانات إحصائية عن أماكن توزع السكن العشوائي، وتأثير المخالفات على الجوانب الحياتية الأخرى، كالتوسع على حساب المساحات الخضراء، والتأثيرات السلبية على البنى التحتية. توفر هذه التكنولوجيا القدرة على المراقبة، ودراسة مدينة دمشق ومحيطها الحيوي، بحيث يتم تحليل الصور لمعرفة أماكن وجود المخالفات.
وبيّن مدير المعلوماتية في محافظة دمشق بشار القدة، أن الأسباب التي دفعت للاعتماد على هذه التكنولوجيا، هي عدم وجود بيانات دقيقة وأرضية للتحقق من تاريخ بناء المخالفات، تنفيذاً للقانون رقم /1/ لعام 2003، الذي أكد على ضرورة إيجاد حل للسكن العشوائي لما له من أثار سلبية.
الاستشعار عن بعد
هذا الخبر يذكرنا بالاستشعار عن بعد، وهو مصطلح يعبر عن مجموعة من الطرق والوسائل العلمية الحديثة لدراسة الاشياء وفهمها واستشراف حدوثها عن بعد، وخاصة الأرض وتشكلاتها وظواهر سطحها. يومها تشكلت مؤسسة، ومازالت، وعقدت ندوات ومحاضرات وورشات عمل حول هذا العلم الكبير ومساهمته في تنفيذ المشاريع التنموية المختلفة، لاختصار الزمن وتحقيق المردود الأعظمي.
ولكن منذ تأسيس هذه الهيئة في العام 1980 وحتى الآن، لا نعلم ما هي الانجازات التي حققتها في سورية، ويحق لنا أن نسأل: ما هو عمل الشركات النفطية الأمريكية والأوربية، التي تشارك سورية في التنقيب عن النفط؟ وما هي الدراسات الجيولوجية وأعمال التنقيب التي قامت بها؟
طبعاً لن نحصل على أجوبة!
أيضاً نتذكر جبل الألماس الذي اكتشف في سورية، وتم استيراد معمل بـ 10 مليون دولار، وكانت المحصلة كذبة كبرى، والمعمل تحول إلى خردة.
مخالفات البناء
الذين فكروا وأدلوا بتصريحات حول الحد من انتشار المخالفات عن طريق الأقمار الصناعية، هؤلاء يعيشون في أبراج عاجية، لذلك لن نلومهم إذا لم يتعرفوا على مناطق الـ 86 وعش الورور والقابون والمعضمية والجديدة والحجر الأسود وجبل الورد والمخيمات، وحتى على أبو رمانة والمهاجرين. نعم!! على أبو رمانة والمهاجرين، حيث تربعت على أسطح البنايات ملاحق باستثناءات بعد دفع المعلوم أو بقوة النفوذ. إن 60 % من بيوت دمشق وريفها، مخالفات على مرأى من الجميع، ومخططات تنظيمية تنام في الأدراج. لماذا؟! من أجل تراكم الثروات ونهب المجتمع، وإيصال ثمن الشقة، مخالفة أو غير مخالفة، إلى مبالغ فلكية تفوق الأسعار أسعار الشقق في مونتي كارلو ونيس وطوكيو وباريس، وخلق فئة عبر سنوات طويلة امتهنت سرقة المجتمع وسرقة التنمية، لتقف الآن وتدعو إلى تحويل سورية إلى بلد سياحة وخدمات، لأن الزراعة والصناعة ليست قطاعات إستراتيجية، ولتدعو إلى موت القطاغ العام، كما يحدث الآن، بعد أن عملت على الخصخصة والمشاركة في مؤسساته، بل وفوق ذلك، القانون رقم /1/ لعام 2003 والذي يدعو مدير المعلوماتية في محافظة دمشق إلى تنفيذه. هذا القانون أفسد قطاعات كبيرة في المجتمع، بدءاً من مجالس المدن والبلديات، إلى عمال البناء وضابطة البناء، وحتى المواطن العادي الذي يريد أن يبني بيتاً، بات يلجأ إلى أساليب فاسدة.
في أبراج عاجية
في أبراج عاجية يعيشون، لذلك لم يتعرفوا على مخالفات البناء، ولن يتعرفوا عليها إلا عن طريق الأقمار الصناعية، التي سوف تقدم لنا البيانات والمعلومات عن توزع السكن العشوائي، لكي تتم معالجة المشكلة، وطالما أن المشروع سوف يتم البدء به، فإن من المفترض أن تحمل الأقمار الصناعية مهمات أخرى، ومنها معالجة الجفاف والبطالة وتدني القدرة الشرائية، والركود الاقتصادي والفساد والنهب العام، والتلوث والخلل الإداري والخلل الاقتصادي، وتجاوز القوانين والأنظمة، أو الواقع الصحي المتدني، وتقليص الخدمات التعليمية وغيرها.
ننتظر الأقمار الصناعية لذلك، نحن ننتظر هذا الانجاز العظيم، لكي يقول لنا رئيس الحكومة بوضوح: لا تثبيت للعمال، ولا تعيين. ومن أجل أن تقول وزيرة الشؤون الاجتماعية: بصراحة، إن أكبر خطأ أرتكب سابقاً هو تثبيت العمال.
ونحن نقول: ماذا بعد؟ ماذا بعد؟