المنظمات الدولية مرعوبة من «الحمائية»
تستمر المنظمات الاقتصادية والمالية الدولية بمحاولة إملاء شروطها وسياساتها على الاقتصادات العالمية المختلفة.. نقصد بهذه المنظمات بالدرجة الأولى: منظمة التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي..
لجديد في المسألة، أنّ محاولات الإملاء هذه، باتت شديدة الاضطراب خلال العام الماضي، فهي تأخذ تارة شكل التوسل، و«النصيحة الحسنة»! وتارة أخرى شكل التهديد المستميت بحرب عالمية ما لم تجر الأمور كما تريدها واشنطن.. ويأتي هذا الاضطراب تحت ضغط عاملين أساسيين:
الأول: هو استمرار ما يسمى «النمو المتباطئ»، (وهذه التسمية تأتي تراجعاً عن القول بـ«بداية انتعاش الاقتصاد العالمي» ما بعد 2008، وهي أيضاً تعبير ملطف عن حقيقة النمو العالمي السالب). الثاني: هو التقدم المتسارع في عمليات ضغط «بريكس» باتجاه تحطيم المنظومة القديمة، من داخلها ومن خارجها..
في السياق، حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي من: (خطر جمود واسع في مسيرة العولمة، بمقاربة مع الحمائية التي تسببت بها بدايات الحرب العالمية الأولى). وأضافت: (أتمنى ألا تكون هذه اللحظة، تماثل عام 1914، لأنّ موجات الحمائية في الماضي قد أنتجت العديد من الحروب).
ينم «التحذير» الذي أطلقته لاغارد عن استماتة في الدفاع عن منظومة قديمة تتداعى وتنهار، فهي بكلامها هذا، وعدا عن الكذب الصريح الذي يردُ سبب الحرب العالمية الأولى إلى الحمائية الاقتصادية، وليس إلى جوهره الكامن في التنازع بين الضواري الإمبريالية، واستخدامهم الحرب مخرجاً من أزمة 1908-1911، عدا عن ذلك، فإنّ التحذير هذا يعني ضمناً القول بأنّ الحمائية التي تمارسها بعض الاقتصادات وخاصة الاقتصاد الصيني قد تدفع الأمور إلى شفير حرب كونية ثالثة.. فإما أن تسيروا كما نريد أو أننا سنحرق الأخضر واليابس..
بالتوازي، أشارت منظمة التجارة العالمية إلى قلقها من تنامي الاتجاه الذي يفرض شروطاً إضافية على التجارة العالمية ويقيد حريتها، ومن ارتفاع وتيرة الخطاب العالمي المعادي للتجارة.
تأتي هذه التصريحات على خلفية الاجتماع الأخير لمجموعة العشرين التي تتزعمها الصين حالياً، والذي استعرضت ضمنه الإجراءات الحمائية التجارية الجديدة، حيث وضع 145 قيداً على التجارة في الفترة بين منتصف آيار 2015، ومنتصف أيار 2016، بمعدل 21 قيداً شهرياً، بالمقارنة مع 14 قيداً شهرياً في 2014. إلى ذلك فقد نمت مجموع الإجراءات الحمائية والقيود التجارية التي طبقتها دول مجموعة العشرين بمعدل 10% خلال فترة الأشهر الستة من العام الحالي.