التعويضات وتقديرات الأضرار «أسرار حكومية»
في الشهر الحالي أي الشهر العاشر من عام 2012 أي بعد مرور حوالي سنة ونصف على بداية الأحداث في سورية، حيث تعم المواجهات المسلحة الكثير من المدن السورية، ويعم الدمار كثيراً من الأحياء التي نزح عنها سكانها بأعداد أصبحت تعد ليس بالآلاف أو عشراتها وإنما بملايين، أكثر من مليوني سوري خارج أحيائهم ومدنهم، وفي أماكن اللجوء، الكثير من الدمار في البنى التحتية والخدمية والمنازل، والتقديرات تبقى حصراً على الحكومة وبتصريحات تتضارب أحياناً وترشح رشحاً إلى الإعلام.
بعد كل هذه الفترة لجنة الإعمار المشكلة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات ووزير الإدارة المحلية، لم تعطي رقماً معلناً بعد لحجم الأضرار التي أحصيت حتى الآن، إلا أنها وضحت أن مبلغاً مقداره مليار ليرة سيخصص هذا العام لعملية التعويض ويوضع تحت تصرف اللجنة، أما في عام 2013 فالمبلغ المخصص يبلغ 30 مليار ليرة. يتوزع بنسب على المتضررين وذلك تبعاً لحجم الضرر وقيمته وفق الشكل التالي:
الأضرار التي تتراوح بين 30.000ل.س – 250.000ل.س يعوض للمتضرر نسبة 40 %
الأضرار التي تتراوح بين 250.000ل.س – 300.000ل.س يعوض للمتضرر مبلغ مقطوع 100.000ل.س.
الأضرار التي تزيد عن 300.000ل.س يصرف للمتضرر ما نسبته 30 % فقط على أن لا يقل التعويض عن 100.000 ل.س ولا يتجاوز مبلغ التعويض 1.5 مليون ل.س ، أما بالنسبة إلى الأضرار التي تزيد قيمة تعويضها عن 1.5 مليون ل.س تعرض على رئاسة مجلس الوزراء للنظر بها.
أي أن أقصى حد للتعويض يبلغ 40 %، وهو ما يتناقض مع بند لاحق في نفس التصريح يقول بأن الدولة ستعوض للمواطنين قيمة 50 % من ممتلكاتهم؟!
الجلسة الأقرب رقم أكبر غير معلن
أما في جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 30 – 10 – 2012 فقد ذكرت أرقام أخرى حول مسألة التعويض، ورصدت مخصصات وصلت إلى حدود 4.2 مليار دولار أي حوالي 260 مليار ليرة سورية وهي عبارة عن سلفة مالية تشكل 50 % من الأضرار أي ترفع سقف تقديرات الخسائر إلى حدود 520 مليار ليرة سورية، وهي أرقام كبيرة تمثل نسبة 50% من الإنفاق الجاري في موازنة 2013 أي أنها تحمل تغييراً في هيكلية وتوزيع الإنفاق والسيولة في سورية، مع العلم أن هذا الرقم قريب من الواقع وأكثر منطقية من رقم 30 مليار ليرة لعام 2013، وذلك باعتبار أن تصريحات جهات خدمية في حمص فقط ذكرت أن أضرار ومفقودات الصحة والكهرباء والمياه في حمص وصلت حدود 42 مليار ليرة، وتقديرات شهر ..... في البيان الحكومي ذكرت ...... مستثنية مدينة حمص الأكثر تضرراً في ذلك الوقت، يضاف إلى ذلك أن مدينتي حلب ودير الزور لم تكونا قد دخلتا إلى حد بعيد في إطار الاشتباكات والدمارفي شهر تموز 2012.
تصريح وزير المالية حول الموازنة لم يذكر مخصصات متعلقة بالإعمار بل أكد أن زيادة الإنفاق الجاري بنسب كبيرة يعود إلى زيادة طبيعية في كتلة الرواتب والأجور وناجمة عن نتيجة خلق ما لا يقل عن 36 ألف فرصة عمل!!، وعن زيادة كلف الدعم المقدم لقطاع الكهرباء والمازوت، مذكراً بأسعار المشتقات وتكاليفها العالية، ولم يذكر أين وضعت المخصصات المذكورة للتعويض وإعادة الإعمار، وما قيمتها.
والسؤال المطروح دائماً وأبداً إلى متى تبقى أرقام الحكومة مخبأة، وإن صدرت تكون مضللة أو حكر على جهات رسمية تلتزم بالممنوع والمرغوب من قبل الحكومة!!
قضية التعويض والسير بشكل جدي اتجاهها مسألة أساسية وتتطلب إعلاناً وإجهاراً وتحديداً إذا ما كان التوجه نحو زيادة المخصصات، المستغرب هنا هو عدم إعلان الحكومة لأرقام تحمل أثراً إيجابياً على الواقع المتردي لعلاقة الدولة السورية بمواطنيها وتحديداً المتضررين منهم.