حكومة العطري أهانت كرامة السوريين.. ومحاكمتها مطلب شعبي! 90% يرفضون السياسات الاقتصادية المتبعة سابقاً.. ومخطط ضرب الاقتصاد نجح جزئياً الحكومة السابقة أجرمت بحق السوريين.. وللحراك الجماهيري الجاري جذوره الاقتصادية
لم يجتمع السوريون يوماً في الماضي القريب ولا حتى في الحاضر على رأي واحد، كما اجتمعوا على رفضهم لحكومة العطري، وهذا الرفض ليس لموقف شخصي من هذا الوزير أو ذاك بالطبع، فغالبية السوريين لم يتعرف على الفريق الاقتصادي إلا من خلال قراراتهم التي أنهكت المواطن والاقتصاد معاً، بل بسبب القرارات المتخذة التي بقيت طوال الوقت تعبر عن ضعف بالرؤية عند الفريق الاقتصادي غير المغفور له بما اقترفت يداه بحق السوريين.. فهل كان ذلك مجرد خطأ، أم أن هناك ما كان مخططاً له سلفاً لاتخاذ مثل هذه القرارات لإيصال سورية إلى حافة الهاوية اقتصادياً، واجتماعياً، وبالتالي سياسياً؟.
هناك من يؤكد أن هذا الإنهاك والضرب المتعمد لدعائم الاقتصاد السوري هو تعبير عن اختراق في الاقتصاد وفي مؤسسات الدولة، تمثله طبقة الأثرياء الجدد، الناهبين السابقين لمنابع الاقتصاد الوطني في القطاع العام ومرافق الدولة في الماضي القريب قسراً بحكم السلطة والنفوذ، والموظفين اليوم لأموالهم المنهوبة بشكل قانوني تحت مسميات الاستثمار في البلد، على اعتبار ذلك أفضل من تهريب أموالهم للخارج، لكنه أقل من الطموحات الداعية لإعادتهم إلى حضنهم الطبيعي، الاقتصاد الوطني والمواطن السوري لتعم فائدتهم على كل السوريين!..
90% من الشعب السوري كانوا يرفضون حكومة العطري التي جثمت فوق صدورهم لثماني سنوات على التوالي، لتحرمهم خلالها من كل مكتسباتهم وإنجازاتهم المحققة على مر السنوات الطوال السابقة، وهذا الاتجاه الرافض لهم ولقراراتهم جاء ليؤكده التصويت الذي أجراه موقع قاسيون منذ قرابة شهر تقريباً، حيث عبر 91.75% من زواره عن رفضهم للسياسات الاقتصادية المتبعة في السنوات القليلة الماضية من جانب حكومة العطري وفريقها الاقتصادي، واعتبارهم أن الوقت قد حان لتغيير السياسة الاقتصادية جذرياً في سورية..
فحكومة العطري كانت منبع الفساد الذي أدى لشلل قدرة الاقتصاد السوري على النمو الحقيقي، وتوظف هذه الأموال في قنواته وشرايينه الاقتصادية، وتذكيرنا بهذه ليس من قبيل وضعنا سكيناً جديدة على رقبة حكومة العطري في الوقت الذي تبارى فيها الكثيرون في ذلك على عكس أيام وجودها في موقعها، بل لكون رئيس الحكومة الدكتاتورية في اتخاذ القرارات لم يكن يعطي وزراءه حرية الحركة أو توقيع القرارات، بل كانت تأتيه المعاملات ليوقعها بـ«الشوالات»، ليغيب العمل المؤسساتي عن ذهنية الفريق الاقتصادي في تلك الحكومة، ليحصر رئيسها كل الأمور بين يديه، وهذا الفساد الإداري أدى لشلل لحكومة العطري وتعطيلها من صقور من فريقها الاقتصادي..
فالعطري كان من «أشطر» رؤساء الحكومات السابقة في التهرب من التزاماته بعبارة «حسبي الله ونعم الوكيل» كلما تم حصره بضرورة الوفاء بالتزامات حكومته، دون أن يترك للسوريين وكيلاً يعينهم على فقرهم، لا بل إن الفريق الاقتصادي وصل إلى درجة تكوين فريق إحصائي «من المطبلين والمزمرين» لتلميع صورته وإجراءاته بأرقام خلبية يكذبها الواقع في كل لحظة..
فإفقار الشعب الذي مارسته حكومة العطري تمثل خيانة بحق السوريين التي وصلت إلى 24% تقريباً في الحد الأدنى، أي أقل من دولار يومياً، كما أن تهجير 2.5 مليون سوري منذ العام 2004 – 2008 للعمل في الخارج لافتقادهم فرصة العمل الحقيقية في بلادهم، وهو ما رفع معدلات البطالة بشكل ليس بالكبير، فهذا خيانة أيضاً، كما أن خطوات رفع الدعم المتتالية، كرفع سعر مادة المازوت بنسبة 350% في العام 2008 بشكل مفاجئ شكل موجة من الاحتقان الشعبي عند غالبة السورين، لأنه ساهم في خفض مستوى معيشتهم، وضرب إنتاجهم الزراعي والصناعي الذي كان وسيبقى عماد الاقتصاد الوطني..
إذا هي خطة ممنهجة أوصلت الاقتصاد والمواطن السوري إلى حافة الهاوية، وهو ما استدعى الوصول إلى هذا الحراك الجماهيري اليوم الذي تعود جذوره إلى واقع اقتصادي - اجتماعي قبل السياسي بالدرجة الأولى، هذه هي جذور الحرمان والفقر التي أسست لها وساهمت في ترسيخها قرارات حكومة العطري، فالاختراق الذي نتحدث عنه تفوح منه رائحة الخيانة للبلد والوطن والمواطن معاً، فكرامة الوطن والمواطن التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار أهانها الفريق الاقتصاد السابق بقراراته وإجراءاته، وهذه الإهانة لا تتطلب إقالة الحكومة فقط والاعتراف بإجرامها بحق السوريين فقط، وإنما المطلوب محاكمتها ومحاسبتها لإنصاف السوريين وإعادة جزء من حقوقهم التي حرمهم منها الفريق الاقتصادي في حكومة العطري..