زيادة الرواتب «المرتقبة» هل هي فأل خير على السوريين!

تتردد شائعات حول نية الحكومة زيادة الرواتب والأجور، وذلك من خلال تسريب دراسة قدّمتها وزارة الاقتصاد والتجارة مؤخراً إلى الحكومة تتضمن تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وهو ما استند إليه البعض للتنبؤ بزيادة مرتقبة على الرواتب، ولكن هل هذه الزيادة  فال خير  يوعد بها السوريون؟! أم أنها على العكس تماماً ستنعكس سلبياً على قدرتهم الشرائية ومستويات معيشتهم؟! وذلك من خلال اغتنام هذه «الفرصة الثمينة» من جانب التجار لزيادة الأسعار المرتفعة أساسا! وهذا ما عودنا عليه تجار لا هم لهم سوى زيادة أسعار السلع والمواد بمناسبة أو بغير مناسبة، بهدف زيادة أرباحهم.

البحث عن مؤشرات الإمكانية الحقيقية لزيادة الرواتب ليس مدار بحثنا أو همنا أساساً، على عكس الصحافة السورية التي انهمكت _ في كل ما قدمته من كتابات حول هذا الموضوع _ على  معالجة نقطة واحدة، ألا وهي كيفية تأمين مصادر تمويل الزيادة المرتقبة في ظل الركود الاقتصادي الحاصل، ليشكل الهجوم المعتاد على ما تبقى من الدعم الحكومي بأشكاله المختلفة منطلق تأمين الموارد المفترضة، غافلين أن الفساد الكبير بما يشكله من فاقد مالي مخيف في جسد الاقتصاد الوطني (900 مليار ليرة سنوياً) أكبر المطارح وأكثرها إغراءً لتأمين تلك الموارد، وتمول تلك الزيادة، وبما يساهم في تصحيح جزء من الاختلالات المتجذرة في جسد الاقتصاد الوطني..

فزيادة الرواتب خطوة في الطريق الصحيح، باتجاه ردم الفجوة المتسعة بين الرواتب ومستوى المعيشة، ولكن الأهم في وضعنا الحالي، هل ستحقق هذه الزيادة غايتها في طريق تصحيح تلك العلاقة؟! أم أنها ستساهم في زيادة تلك الاختلالات وتعميقها؟!..

ولكي تكون الزيادة على الرواتب ناجعة، وقادرة على ردم الهوة المتزايدة بين الدخل المحدود وارتفاعات الأسعار المتلاحقة، فإنها يجب أن لا تقل عن 50%، لأن هذه النسبة هي التي تعبر عن الفجوة الحاصلة بين الأسعار والأجور خلال العام الأول من الأزمة الوطنية الشاملة التي تعاني منها البلاد، وذلك بفعل تضاعف أسعار أغلب السلع والمواد الاستهلاكية من جانب تجار ومستغلي الأزمات..

ولكي لا نفهم بأننا من الرافضين لزيادة الرواتب من حيث المبدأ، وبما يساهم –نظرياً- في تحسين مستوى معيشة السوريين، فإن القبول بتلك الزيادة يجب أن يراعى في ضوء شرط أساسي، ألا وهو تعهد الحكومة القاطع بضبط التجار والأسعار، وقدرتها فعل ذلك عملياً، وإلا لن تكون تلك الزيادة ذات جدوى على أرض الواقع، بل إنها ستشكل عبئاً جديداً على كاهل السوريين، من خلال استغلال التجار لها، وزيادة الأسعار بحجة زيادة الرواتب، وهذا ما سينتج على أرض الواقع، زيادة اسمية في الرواتب والأجور، وحصول تضخم جديد في الأسعار وسلة المستهلك السوري، ليكون المستفيد الوحيد من تلك الزيادة هم التجار، لأنهم الأسرع في مضاعفة أسعار سلعهم، والتي ستعني بالنتيجة، مضاعفة ثرواتهم..