انخفاض قيمة الليرة.. منعطف خطير
محمد هاني الحمصي محمد هاني الحمصي

انخفاض قيمة الليرة.. منعطف خطير

مع تتالي فصول الأزمة الوطنية العميقة التي تمر بها البلاد، ومع ازدياد تأثير العقوبات الاقتصادية - السياسية على سورية، ومع التراجع الحاد الحاصل في الإيرادات النفطية، والتي كانت تمثل ثلث الإيرادات الإجمالية للموازنة العامة قبل الأزمة، تزداد الصورة ضبابيةحول مستقبل الليرة السورية، والتوقعات تشير إلى إمكانية انخفاض سعر الليرة سورية أكثر فأكثر أمام سلة العملات الأجنبية، حيث وصل الدولار مؤخراً إلى نحو 75 ل.س، واليورو تعدى حاجز 78 ل.س.. إن انخفاض قيمة الليرة هو بمثابة كارثة حقيقية على الاقتصادالسوري، وهو ما يجب مواجهته بأكثر من التحسر والخوف..

نتائج خطيرة

هذه الأرقام دليل على تراجع كبير في المؤشرات الاقتصادية السورية، وهي إذا ما استمرت بهذا الميل، ستدفع بالاقتصاد السوري نحو الهاوية والانهيار السريع، فلهبوط العملة الوطنية نتائج خطيرة، ومشاكل جمة على الوضع الاقتصادي في سورية بشكل عام، من أهمها،استمرار النزيف الحاصل في العملة الأجنبية، والذي سيتواصل يوماً بعد يوم، طالما الأزمة التي تعصف بسورية في الوقت الراهن مستمرة، وانخفاض مخزون الدولة من العملة الأجنبية (الاحتياطي الاستراتيجي)، سيؤدي بالتدريج إلى فتح صدر  الاقتصاد الوطني والسيادةالوطنية ولقمة الناس للهزات العنيفةفحتى الآن، أدى انخفاض قيمة الليرة السورية إلى حصول ارتفاعات خيالية في أسعار معظم المواد الاستهلاكية، وكذلك الذهب والمعادن الثمينة، حيث وصل سعر غرام الذهب في السوق السورية إلى 3300 ل.س، كما أن العقوباتالمفروضة على قطاع النفط، أدت لتراجع حجم واردات البلاد من العملات الصعبة، وحال قطاع السياحة ليس بأفضل، وبات يمر بمرحلة صعبة وحرجة، وهو الذي يعد أحد مصادر دخول العملة الأجنبية إلى سورية..

ضغوطات إضافية

 قد تتعرض الليرة السورية لمزيد من الضغوطات، بسبب عجز الدولة على توفير المطلوب من العملة الأجنبية لأغراض تمويل المستوردات، ومن المحتمل أن تقدم الدولة على شراء العملة الأجنبية من السوق المحلية، مما يؤدي إلى زيادة نسبة التضخم، نتيجة ضخ كميةكبيرة من العملة المحلية في السوق، وهذا سيساعد على انخفاض هذه العملة بشكل أكبر..

 

نشوء ظاهرة دولرة

قد تلجأ الدولة إلى زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين للتعويض أو لتغطية جزء من انخفاض القيمة الشرائية الليرة السورية، مما قد يساعد على زيادة حجم التضخم الحاصل في الليرة السورية، وهذا سيؤدي بدوره إلى انخفاض مستمر لقيمة الليرة، وقد يواجه المواطنونالسوريون المسافرون إلى الخارج مشكلة حقيقية في استبدال عملتهم السورية بعملات أخرى، بسبب الضعف المتزايد في الليرة السورية، وستبدأ المصارف والبنوك الأجنبية والعربية الموجودة خارج سورية، بالتخلص من الفائض الموجود لديها من العملة، واستبدالهابعملات أخرى، وقد ينتشر التعامل بالعملة الأجنبية بشكل كبير ومكثف في السوق السورية، وستصبح العديد من المحلات تتعامل بالدولار بدلاً من الليرة، وتظهر عندها ظاهرة دولرة العملة.. لهذه الأسباب قد يلجأ السوريون إلى بدائل أخرى كشراء الذهب والعملاتالأجنبية الأخرى، وذلك بغرض الحفاظ على قيمة مدخراتهم، وهنا ستتحول المشكلة من انخفاض قيمة العملة السورية إلى حالة انهيار كلي لهذه العملة.

 

توسع السوق السوداء

وربما يزداد الفارق بين السعر الرسمي والسعر الموازي لصرف الدولار في الأسواق المحلية، أي ستتوسع ظاهرة السوق السوداء لتصريف العملة، والتي تحكمها أسعار الصرف الحر، والتي تتغير من دقيقة إلى أخرى حسب قانون العرض والطلب... لذلك كله نحن الآنبحاجة إلى حل سريع، وتغطية العجز الكبير الحاصل في الميزانية العامة للدولة، وأن لا نفرط في الإصدار النقدي، وإلا فسنغوص حتماً في دوامة التضخم أكثر..