!محتكرو الأسواق والسلع أشد خطورة من حاملي السلاح
الحفاظ على ثبات مستوى الأسعار على أن لا يتجاوز التضخم أصابع اليد الواحدة، أحد المهام الرئيسية للإدارة الاقتصادية في أية دولة، ولكن أسعار العديد من السلع الغذائية لدينا ارتفعت 50%، كالبيض والفروج مثلاً، ودون أي مبرر اقتصادي وفجأة، فماذا تفعل هذه الإدارة الاقتصادية في سورية؟! فالاحتكار هو عنوان هذا الخلل، هؤلاء الذين يجرمون بحق الشعب والاقتصاد الوطني، والذين يستبيحون المواطنين؟! إن لم نقل أنهم حلفاء لهؤلاء المرتزقة، ومعلمهم واحد!
كيف يسمح بالاحتكار؟
لقد نهب المحتكرون حتى الآن قرابة 20% من الاستهلاك النهائي للشعب خلال عام 2011، وارتفعت حصة رجال الأعمال باستثناء الفلاحين من قرابة 75% من الناتج المحلي الإجمالي إلى قرابة 80%! رغم أن الاحتكار ممنوع في الاقتصاد الاشتراكي، وفي اقتصاد السوق، واقتصاد السوق الاجتماعي بشكل خاص، فكيف يستفحل الاحتكار لدينا؟ أليس هذا دليلاً على أن الاقتصاد قائم على النهب؟! فلماذا يسمح بالاحتكار؟ لماذا لا يتولى القطاع العام الاستيراد والتوزيع وتجارة الجملة؟! بعد أن أثبت القطاع الخاص عجزه عن توفير السلع للمواطن بأسعار تناسب أجره!. وأين هي الإدارة الاقتصادية التي تحقق توازن معادلة العرض والطلب؟ وهل تنجح عصابة المحتكرين بتجويع الشعب السوري حتى يستسلم؟! في حين فشلت عصابة الإجرام في ترويعه!. ولماذا لا يتم ترشيد الاستيراد؟! بتحديد أنواع السلع المستوردة، وكمياتها، وقيمتها، وهل من بديل عن اختيار الدولة للسلع الإستراتيجية التي يحتاجها؟! ونحن نواجه حصاراً اقتصادياً منذ سنوات، عندما أقر قانون العقوبات الأمريكية على سورية!
أثرياء الحرب
أثرياء الحرب هم الطابور الخامس الذي يستنزف الموارد الوطنية، والذي يزيد من الاحتقان الشعبي بنهبه لقوته اليومي، وبتجويعه، وبتعذيبه بالبحث عن حاجاته اليومية، وبرفع أسعار السلع بذرائع شتى (طرقات المواصلات مقطوعة، والدولار ارتفع سعره)، بينما تكون مستودعاتهم مليئة بالبضائع المستوردة والمحلية، فلماذا لا يتم الاستيلاء على هذه المستودعات ومصادرة محتوياتها وتوزيعها على عامة الشعب؟! ألم يحن الوقت لإلغاء السياسة الاقتصادية للفريق الاقتصادي السابق؟! والذي أمعن في تخريب الاقتصاد تنفيذا لإملاءات العدو الغربي!.. والتي اعتمدت الوصفات القاتلة لصندوق النقد والبنك الدولي، والذي يتيح للتاجر الحق بوضع السعر الذي يراه مناسبا لمصلحته، والمطلوب إعلانه فقط، ولا يتعرض بعدها للمساءلة، ودون تحديد هوامش الربح لهؤلاء!.
المشنقة لأعناق المحتكرين
لقد كان المحتسب منذ بدايات الدولة الإسلامية في الوطن العربي يتدخل لمنع رفع الأسعار من التجار الجشعين، فلماذا تتخلى الدولة عن حماية عامة الشعب من «وباء التضخم»؟ لماذا نسمح بمضاعفة أعباء هذا الشعب الذي يعاني من الحصار الاقتصادي؟! وأين هي الإدارة الاقتصادية الوطنية التي تضع حبل المشنقة حول أعناق المحتكرين؟! وتسعى لتأميم التجارة الخارجية والداخلية، وهل يجوز أن تظل تجارة الجملة أحد أهم وسائل توزيع الدخل؟! والتي هي بيد القطاع الخاص دون رقيب؟!
العدوان الاستعماري الأمريكي – الأوروبي، يدمر مرافق البنية التحتية من كهرباء، وأنابيب النفط، وخطوط السكك الحديدية، وبأيد عربية وسورية، ويأتي الطابور الخامس في الداخل، لينهب ثرواته وموارده، ليدعم خطواته الإجرامية بوسائل أشد إجرامية عبر احتكار السلع الإستراتيجية وغير الإستراتيجية، ورفع أسعارها، بحيث لا يستطيع المواطن أن يؤمن لأسرته حد الكفاف! فما جدوى القبض على مرتزقة يطلقون الرصاص على القوات العسكرية وعلى المواطنين بذريعة حمايتهم من النظام؟! بينما يطلقون يد الطابور الخامس لنهب وتجويع الشعب السوري؟ أليس هذا تعبيداً لطريق الغزو الأجنبي؟! واستعداد الكثيرين للانضمام إليهم مع استفحال البطالة المرعبة التي تطال أكثر من 50% من القادرين على العمل! والتي تأتي نتيجة للسياسات الاقتصادية التي فرضها العدو الاستعماري عبر «خبرائه» ومبعوثيه، وهم لا يزالون يمعنون في تقطيع أوصال الاقتصاد الوطني، وتبديد موارده بقصد إفقار عامة الشعب لمصلحة أثرياء تجار الطابور الخامس..
هامش ربح «مطاط»
يحدد هامش ربح للفلاح 2% على مادة القمح، والتي تعد أهم مادة إستراتيجية تحقق قاعدة الأمن الغذائي، ويسمح للتاجر بهامش ربح 200%، وفي مواد زراعية أخرى كالخضار والفواكه يصل هامش الربح إلى 20000 %! وكيف هو حال أكثر من 50% من الشباب القادرين على العمل؟! وهم لا يجدونه! ومن يجد عملا منهم، فإن راتبه يوفر له حد الكفاف فقط، بينما يعيل قرابة 4 أشخاص وسطيا، فأية حياة توفرها الطبقات الحاكمة في البلدان العربية للطبقة العاملة بشكل عام، وللفلاحين بشكل خاص؟! أيكفي أن نصادر جميع ممتلكاتهم التي نهبوها من أفواه الأطفال؟! فالطابور الخامس من التجار، احتكروا استيراد وتوزيع السلع الضرورية,خاصة الغذائية إليهم، انضم إلى العدو الغربي الأمريكي - الأوربي - الصهيوني في قتل الأطفال، وتدمير مساكنهم، ومرافق مدنهم وقراهم، فلماذا لا نواجههم بقوة وحزم؟! كما نواجه العدو المسلح بالبنادق والمتفجرات! علماً أن الطابور الخامس أشد خطورة من المرتزقة الذي يشهرون السلاح علانية!
يقضي الرشاد الاقتصادي رفع الأجور بشكل كبير ومستمر، وأن يتم توفير فرص عمل لأكثر من 100 مليون عربي خلال السنوات القادمة، ومنهم 5 ملايين في سورية، وهم يبحثون عن عمل ولا يجدونه! وتوفير فرص العمل تلك واجب قومي تفرضه ضرورة مواجهة الأعداء الخارجيين، فالبطالة البنيوية المزمنة تهدد وجودنا ومستقبلنا، لذلك ينبغي أن نضع كل مواردنا في خدمة فرص عمل لكل القادرين على العمل، ونعيد توزيع الموارد الاقتصادية بشكل أقل إجحافا وأكثر عدلا، وإلا سنخسر المعركة إذا لم نفعل ذلك بأسرع وقت ممكن!!..