أسئلة حول قرار وزارة الاقتصاد (703)!
أعلنت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية إجراءات جديدة لضبط عملية تمويل المستوردات، ومنها القرار (703) الصادر بتاريخ 15/12/2015، والذي دخل حيز التنفيذ بدءاً من 3/1/2016، ووفقاً لها فقد حددت الوزارة آلية تقضي بضرورة وضع مبلغ مالي من التاجر مقابل منحه إجازة استيراد لمواد معينة (حُددت هذه المواد بقائمتين أ و ب من الوزراة) وذلك مقابل تمويله بالعملة الأجنبية وفق هذه الإجازة.
وأكد القرار على أن المبلغ المالي يجب أن يعادل نصف القيمة المقابلة لمشروع إجازة الاستيراد وذلك للمواد المصنفة في القائمة (أ) فيما لو بلغت قيمتها أكثر من 100 ألف يورو، ما يعني أن كل إجازة تقل قيمتها عن ذلك المبلغ ستكون غير خاضعة لهذا لإجراء. كما أكد القرار على أن المبلغ يجب أن يعادل كامل قيمة الإجازة فيما لو كانت المواد المستوردة هي من القائمة (ب) دون أن يحدد القرار قيمة هذه الإجازة. أما بقية المواد غير المصنفة في هذين القائمتين، فهي معفاة كلياً من هذه الآلية.
التجار يغمزون
من داخل الوزارة وخارجها
القرار الذي يُراد له ضبط عمليات الاستيراد، وبالتالي ضبط الطلب على الدولار، يعاني العديد من الثغرات التي تحتاج إلى أجوبة دقيقة، خاصة وأن بعض الأصوات التي تمثل مصلحة التجار بدأت بانتقاده كونه سيضطرهم لتجميد مبالغ مالية في المصارف ريثما يتم استعادة مبلغ الإجازة، دون أن يحصل التجار على فوائد عن مدة التجميد، كما رأى المنتقدون! ووفقاً لما نقلته بعض المواقع الالكترونية عن أحد أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، فإن ذلك سيؤدي إلى (زيادة وكلفة إضافية على رأس المال الموظف في العمل التجاري)!.
هذا وقد تقاطعت مع التصريحات السابقة أصوات أخرى من داخل الوزارة، يبدو أنها موالية لمصالح التجار، ونقلت إحدى الصحف المحلية تصريحاتها دون الإشارة إلى أسمائها، أن: (تطبيق القرار سوف يلزم التاجر المستورد بدفع ثمن بضاعته لأكثر من مرة... والتاجر لن يقبل بتجميد مبالغ كهذه من دون وضع فوائد عليها وسوف يتم بالنهاية تحميلها على أسعار البضاعة ما يجعل المواطن هو المتحمل الأكبر للسلبيات)!
هل ستعمل الوزراة
على صيانة قرارها؟!
وبناء عليه باتت الوزارة ولضمان تطبيق قرارها -والذي لا يبدو أن سيحد كثيراً من عمليات الاستيراد وبالتالي علميات استنزاف القطع الأجنبي- مطالبة بوضع آلية لمنع التلاعب بقرارها، فوفقاً لما نقلته صحيفة محلية عن مصدر مسؤول في وزارة الاقتصاد أنه من المحتمل قيام التجار بتجزيء إجازات استيرادهم لتقليل قيمة الإجازة عن مبلغ الـ100 ألف يورو ما يعطيها ميزة الإعفاء من مبلغ الضمان.
عملية الرقابة ليست صعبة بل ضرورية فيما لو أرادت الوزارة ذلك، خاصة إذا انطلقنا من تصريح رئيس الحكومة الذي أكد أن عدد هؤلاء التجار لا يزيد عن 25 تاجراً. الأمر الثاني الذي يستدعي التدقيق هو فاعلية هذا الإجراء، حيث أشارت بعض المصادر إلى أن عدد الإجازات التي تقل قيمتها عن 100 ألف يورو هو 90% إجمالي من عدد الإجازات، ولكن المصدر ذاته أكد أن الـ 10% المتبقية هي صاحبة الوزن الأكبر من حيث الكمية والقيمة، ومع ذلك ينبغي تدقيق كل الإجازات لا سيما أن البعض سيجد فيها طريقه للتهرب من القرار.
ماذا عن باقي السلع؟!
كما أن الوزارة معنية بتوضيح سبب إعفاء المواد الباقية فمن الواضح أن القائمة (أ) تشمل جزءاً هاماً من المواد الاستهلاكية الرئيسية كالأرز والحليب والقمح، وبعض مستلزمات الإنتاج كالأسمدة والزيوت الخام وبذور الخضار، وتشمل القائمة (ب) مواد غير رئيسية كـ (السيراميك واللحوم والموز ومستحضرات التجميل) باستثناء الطحين المشمول في هذه القائمة، أما باقي المواد فهي غير مصنفة بأية قائمة وهي معفية حكماً وعلى الوزراة توضيح سبب عدم إخضاعها للقرار.
لا يريد القرار أن يلغي أو يحد من تمويل المستوردات الذي يغدق الدولارات على التجار بدل أن نلجأ إلى تأمين بدائل أخرى كتمويل الإنتاج الوطني، وهو يفرض (مبلغاً مالياً) يعتبر ضمانة بسيطة بالحد الأدنى، ومع ذلك يستنفر البعض لتحميل تبعاتها للمواطن عبر التلميح بزيادة التكاليف أو رفضه عبر إيجاد طرق للالتفاف عليه ما يبرر إلغائه، رغم أنه لن يؤثر على أرباح التجار المتضاعفة في سني الحرب!.