عبّاد شمس: إقراض وتعثر!
من الملاحظ أن أصحاب أكبر المدخرات، والإيداعات في المصارف العامة والخاصة، هم أصحاب القروض الكبرى الممتنعون عن السداد، والتي لم يكترث دعاة السياسات الليبرالية بوجهتها وجدواها،طالما أنها تخدم القلة المتحكمة بالموارد والسوق السورية..
فأكثر من نصف القروض ذهب للمجمعات السياحية والتجارية، والمطاعم، ونسبة 4% منها وفق عينة من أحد المصارف يتم الالتزام بتسديدها.
بناء عليه فإن إجراءات تسوية القروض ومراسيمها وقوانينها التي تمتد منذ ما قبل الأزمة وخلالها، لن تؤدي إلى تسويات فعلية، بل إلى مماطلات طويلة الأمد، تحمي أموال هؤلاء المتراكمة من المصادرة والنقل لملكية المال العام! والوقائع السورية الفاقعة هي الدليل الأبرز، كما في تعميم الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لأحد كبار رجال الأعمال السوريين، وأبنائه، والعودة عن القرار خلال أقل من شهر في العام الحالي كما أوردت إحدى الصحف.
الجزء الأكبر من هؤلاء يحمي أمواله خارج البلاد، وجزء هام منهم، سحب ودائعه السورية مع بداية الأزمة، وعاد ليراكم غيرها سريعاً، حيث يظهر هذا من حجم الودائع في المصارف العامة والخاصة، التي دهورتها السحوبات المسموحة قانونياً لمن هربوا أموالهم خارج البلاد في بداية الأزمة، ثم عادت لتترمم وتعود إلى المستويات السابقة، أيضاً من الأموال التي يربحها هؤلاء، والتي تأتي في ظروف كهذه من مجالات المضاربة باختلاف أشكالها، على قيمة الليرة، على العقارات، ومن احتكار السلع، ومن الاقتصاد الأسود، المتوسع خلال الأزمة، وهذا يقابل مجمل ما خسره أصحاب الأجور من قيمة رواتبهم ومدخراتهم، التي ابتلعتها الحرب، وأمراؤها.
لذلك فإن تسويات قروض كبار المتعثرين، لا تهم عموم السوريين، على اعتبارها تجري بين أصحاب السطوة الاقتصادية، وأصحاب القرار المتقاطعين في المصالح والأفعال، وحتى في الأسماء أحياناً!.
لا يكترث فقراء السوريين والذين يحصلون على دخلهم من تعبهم، بأموال المصارف، لأنهم لم يعودوا بحاجة أدلة على أن المال العام لا يدار لمصلحتهم، بل أصبح ذريعة تستهدف جيوبهم!.