رفع المازوت والغاز والخبز أعدم زيادة الرواتب!

رفع المازوت والغاز والخبز أعدم زيادة الرواتب!

لا شيء طارئ بين الخميسين الأسودين وفق تعابير الشارع السوري الجديدة عن يوم الخميس، يوم رفع الأسعار المفضل للحكومة، ويوم رعب المواطن. فالأمور عادية تماماً بالنسبة للحكومة، فسياسة عقلنة الدعم المنفذة تمشي بحذافيرها ناسفة أي خط أحمر، السياسة التي تعني مزيداً من رفع الأسعار على كاهل فقراء الشعب السوري هي أكثر ما تنجح الحكومة في تنفيذه في وقت تفشل فيه في تأمين المازوت، وتحسين نوعية رغيف الخبز، وتحصيل الضرائب من كبار أصحاب الرساميل! 

طبعاً لا يخفى على أحد أن سر هذا النجاح عائد لأن الحكومة اختارت الطرف الأضعف، وهو الشعب الفقير، لتُحصّل منه مزيداً من الأموال، فماذا حصّلت حتى اللحظة منّا، وكيف سنعكس ذلك على الأسعار وعلى أجورنا المتهالكة؟! سنتبين ذلك في الآتي. 

18,7 مليار ليرة  وفورات الأشهر الأخيرة من العام!

رفعت الحكومة سعر جرة الغاز من 1500إلى1800 ليرة سورية للإسطوانة، وفيما لو افترضنا أن ما سيتم استهلاكه فعلياً في الربع الأخير من هذا العام هو 17 مليون جرة غاز، أي ربع الاستهلاك الكلي البالغ 67 مليون جرة في هذا العام، فإن حجم أرباح الحكومة في هذه الأشهر فقط هو 5,1 مليار ليرة سورية. 

وفيما لو أضفنا لها الأرباح الممكنة من بيع ربع كمية استهلاكنا للمازوت في الربع الأخير أي 425 مليون ليتر، وبربح يبلغ 27,5 ليرة (حيث سيبلغ سعر التكلفة حوالي 127,5 ليرة مقابل سعر بيع 135 ليرة، راجع قاسيون العدد 627)، فإن أرباح الحكومة من المازوت ستصل إلى 12 مليار ليرة تقريباً، علماً أن نسب الاستهلاك غير متساوية في الفصول، وهي أعلى في الربع الحالي مما قبله كوننا على أبواب الشتاء، وهو ما يعني أن أرباح هذه المدة أعلى من ذلك. 

أما بالنسبة للخبز فستبلغ مبيعاته(*) المقدرة من 15/10/2015 وحتى نهاية العام بناء على تقديرات الإنتاج في النصف الأول من هذا العام، حوالي 3,8 مليار ليرة بواقع 162 ألف طن تقريباً عن المدة المتبقية، وبالتالي وفيما لو أخذنا نسبة رفع سعر الربطة البالغ معدله 43% (من 35 إلى 50 ليرة)، فإن حجم الوفر الحكومي سيبلغ عن هذه الفترة آخر شهرين ونصف من هذا العام فقط حوالي 1,6 مليار ليرة سورية!  

أي أن ما ستدخله الحكومة إلى خزينتها العامة في الربع الأخير من عام 2015 من المواد الثلاثة التي رُفعت أسعارها مؤخراً وهي الخبز: 1,6 مليار ليرة- المازوت: 12 مليار ليرة- الغاز: 5,1 مليار ليرة والمجموع الكلي لهذه الإيرادات والوفورات يبلغ: 18,7 مليار ليرة سورية. 

(من دهنو سقيلو)!

وبمقارنة هذا المبلغ 18,7 مليار ليرة وهو الإيرادات التي ستحلصلها الحكومة من جيوب المواطن بسبب الزيادات الأخيرة مع الزيادة الأخيرة للأجور (مبلغ كامل الزيادة 80 مليار ليرة سنوياً وفق تصريح رئيس الحكومة) عن آخر 3 شهور وهي المدة التي تشملها الزيادة في هذا العام سنجد أن حجم الزيادة هو 20 مليار ليرة فقط. أي أن ما تكبدته الحكومة من زيادة منّت بها على أصحاب الأجور لا يتجاوز 1,3 مليار ليرة سورية فقط عن هذا العام حصلت كلها تقريباً من جيوب الفقراء أصحاب الأجور الذين ستعصف بهم ارتفاعات أسعار المواد الأساسية وما ستجره عليهم من غلاء في أسعار مختلف البضائع في السوق.

مازوت وغاز ربع الراتب الشهري!

بلغ وسطي الأجور بعد الزيادة الأخيرة 26500 ل.س، وفيما لو أرادت الأسرة أن تشتري 400 ليتر مازوت للتدفئة، وهو الحد الوسطي لاستهلاك الأسرة في بلدنا، فإن تكلفتها النظرية ستبلغ 54 ألف ليرة، أي أكثر من ضعف دخل المواطن في شهرين، علماً أن تأمين هذه الكمية للأسرة وبالسعر النظامي أصبح من شبه المستحيلات. 

أما تكاليف الغاز للأسرة الواحدة التي تقدر بـ جرة غاز واحدة لكل شهر في أقل التقديرات بتكلفة 1800ل.س فهي 8% . وبالتالي فإن التكاليف الشهرية للمازوت والغاز تعادل 6300 ل.س أي 24% من وسطي الأجور أي ربع دخل المواطنين البسطاء و40% من الحد الأدنى الأجور!