(فرعون) خصم الأمس.. شريك الاسمنت الحصري اليوم!..
أوقف في عام 2011عقد مجموعة فرعون الاستثمارية مع معمل اسمنت طرطوس، بسبب مخالفتها لبنود العقد، وعدم تسديد مستحقاتها كلها، وبسبب إهمال أدى إلى تسرب الفيول إلى البحر وغيرها من المخالفات، سوّي الوضع وعادت مجموعة المستثمر السعودي لتحصل على حق استثمار وتأهيل معامل الدولة الموجودة حالياً والجديدة منها..
حصلت مجموعة فرعون الاستثمارية على 300 دونم مجاناً من المؤسسة العامة للإسمنت، لتنشئ وتشغل معملاً لصناعة الاسمنت، أما اسمنت عدرا الشركة العامة، فستحصل بعد 15 عاماً، على نسبة بسيطة من منتجات معمل فرعون بسعر التكلفة، والمعمل بعد ثلاثين عاماً سيعود للدولة، ما لم تُبدل صيغة العقد.
بتاريخ 13-8-2014 وافقت رئاسة مجلس الوزراء على مذكرة التفاهم الموقعة بين شركة عدرا لصناعة الإسمنت ومجموعة فرعون للاستثمار، والتي تتضمن تفاصيل العقد بين الجهتين. وحالياً تشكلت في وزارة الصناعة لجنة من مؤسسة الاسمنت، ومن مجلس الدولة، وهيئة تخطيط الدولة، وغيرها من الجهات مهمتها متابعة الإجراءات الخاصة بالتعاقد ليكتمل إنشاء المصنع، صحيفة تشرين المحلية نشرت تفاصيل مذكرة التفاهم، أو بنود الاتفاق، وقاسيون تناقش هذه البنود..
الحكومة (صفر اليدين) لـ 30 عام..
ينص التفاهم على أن مجموعة فرعون ستنشئ مصنعاً جديداً ، بطاقة إنتاجية سنوية 2 مليون طن اسمنت، وذلك على مساحة 250-300 دونم، أراضي عامة، ضمن شركة عدرا لصناعة الإسمنت، ستقدمها الشركة مجاناً لفرعون.
ماذا ستحصل الشركة بالمقابل؟ لن تحصل الشركة على شيء طيلة 15 عام، ولكنها لمدة 15 عام تالية، ستحصل على 10% من إنتاج معمل فرعون، وليس بالمجان، بل بسعر التكلفة، مع دفع رسم إنفاق استهلاكي أيضاً، وبعد انقضاء مدة 30 عاماً، وبعد أن يكون فرعون قد أنتج وباع ما قد يقارب 60 مليون طن من الاسمنت للسوريين في مرحلة إعادة الإعمار، فإن الشركة العامة ستحصل على ملكية معمل فرعون..
حيث أن العقد قائم وفق نظام التشاركية (bot) أي يبني القطاع الخاص المنشأة، ويشغلها ويديرها بالكامل، ثم ينقل الملكية بعد فترة من الزمن إلى الجهة الحكومية الشريكة، وقد شهدت حالات عقود التشاركية السورية، تعديل عقود من هذه النوع لصالح المستثمر، مع انقضاء المدة..
مقالع- كهرباء-مياه-وقود
ستحصل شركة فرعون على مجموعة من التسهيلات، فعدا عن الأرض المجانية، فإن المواد الخام، موجودة في مقالع الفريق الأول أي شركة عدرا لصناعة الإسمنت، وبحسب تعبير المذكرة: (المقالع كافية)، ويدفع المستثمر مقابل الاستخراج رسوماً غير مذكورة، ويستخرج من المقالع على ألا يتداخل مع حصة الشركة أو مقالعها الخاصة.
كما يلزم العقد الحكومة بتقديم الكهرباء بشكل دائم باستثناء الحالات الخارجة عن إرادتها، كما يذكر نص العقد، وذلك بطاقة: 2000 كيلو فولت أمبير: 220-380 فولت، ونقطة للتزويد بالمياه، ويدفع الفريق المستثمر قيمة الاستهلاك وفق العدادات. وسيتعاقد فرعون كذلك الأمر مع وزارة النفط، لتؤمن له وصول مادتي الفيول والغاز، على أن يقوم بتأمين التمديدات على نفقته، ودون أن يذكر العقد أجور المحروقات، على عكس الكهرباء والمواد الخام!، كما يحق له استيراد الكلنكر من أي جهة كانت..
حرية التصرف بـ2 مليون طن سنوياً
يحق لفرعون وفق بنود المذكرة، (التصرف بكميات الإسمنت والكلينكر المنتجة العائدة له وفق الأنظمة السورية النافذة ومتطلبات السوق).أي أن العقد لن يلزمه بسعر أو هامش ربح، ولن يلزمه بالبيع المحلي أو التصدير.
كما أنه يمتلك كامل إنتاج المعمل، دون أن يكون ملزماً بتقديم أي كمية للحكومة، طوال مدة 15 سنة الأولى، وهي المدة التي ستكون الدولة بأشد الحاجة لحصتها من إسمنت المعمل، بينما تنص المذكرة على إلزام فرعون، بتزويد الشركة بالإسمنت في الـ 15 سنة التالية، بنسبة 10% من الإنتاج أي حوالي 200 ألف طن سنوياً، وستدفع الحكومة مقابل هذه الكميات سعر التكلفة، مع رسم إنفاق استهلاكي!..
ما الذي سيقدمه فرعون بالمقابل؟!
على فرعون أن ينشئ مصنع اسمنت، (وفق أحدث المستويات الفنية والتكنولوجية العالمية) كما يقول العقد، وعليه بطبيعة الحال أن يتكفل بعمليات الصيانة والإدارة، والدراسات المتعلقة بمعمله، الذي يملك كامل إنتاجه، وعليه أن يتعهد (بتنفيذ إنشاء مصنع الإسمنت الجديد خلال مدة أقصاها خمس سنوات من تاريخ نفاذ العقد وسوف يتم إنشاء قسم مطاحن الإسمنت في السنتين الأوليين من هذه السنوات للبدء بالإنتاج)، كما عليه أن يمدد طريق يصله مع الطريق الرئيس الواصل بين دمشق ودير الزور، وسكة حديد تصله مع السكة التي تصل شركة إسمنت عدرا بالشبكة العامة للسكك الحديدية السورية، وأخيراً عليه أن يعيد المعمل بعد 30 سنة للحكومة في حالة جيدة، بحيث يكون لا يزال قادراً على إنتاج 80% من طاقته الإنتاجية الاسمية كما يتضمن العقد.
كل هذه التسهيلات ستكون كلفتها على فرعون مبلغ 300 مليون يورو لإنشاء المصنع، وهو ما يقدر بـ 93-100 مليار ل.س، أي نسبة 6% فقط من الموازنة السورية لعام 2015، بينما لا توضح مذكرة التفاهم جملة من الجوانب القانونية الهامة، مثل ما هي الضرائب المترتبة على أرباح المعمل، وماذا عن عمال المعمل، إلى أي قانون عمل سيخضعون؟..
لماذا الخصخصة؟!
زادت معامل الاسمنت الحكومية إنتاجها، في ظروف الأزمة، ودون شراكة القطاع الخاص، وفي ظل عمل الإدارات الفاسدة، في المؤسسة، والمعمل، التي أُدين جزء هام منها، وامتلك عمالها وخبراؤها إمكانيات أتاحت إصلاح واستبدال قطع قديمة في ظل التقشف الحكومي..
2011: 5,1 مليون طن- 2012: 6 مليون طن، 2013: 7 مليون طن.
*من أرقام المكتب المركزي للإحصاء، والاتحاد العربي للإسمنت، وتصريحات معاونة مدير المؤسسة العامة للإسمنت.
يمتلك فرعون مبلغ 300 مليون يورو أي حوالي 93 مليار ل.س، أهّله لاستثمار أملاك الدولة مجاناً، بينما حصّلت الحكومة ضعفها من إيرادات رفع أسعار المحروقات (182 مليار ل.س)، ولم تنفقها إنتاجياً بل أوغلت في التقشف..
(الحكومة القنوعة)..
يرى مدير عام شركة اسمنت عدرا، خلال تسويقه لإيجابيات التعاقد مع فرعون، بأن حصول الشركة بعد 15 عام، على نسبة 200 ألف طن سنوياً، وهي نسبة 10% من إنتاج المعمل، يعتبر صفقة رابحة، فهي ستحقق ربحاً في الطن بمقدار 20 دولار، بتقديره للفارق بين السعر العالمي حالياً وبين سعر التكلفة، ليستنتج أن هذا يعني ربحاً سنوياً (200 ألف طن× 20$)= 4 مليون دولار بأحسن الحالات سنوياً، وهي ما تعادل مليار ل.س ربحاً سنوياً للشركة، بحسب المدير.
بالمقابل علينا أن نذكّر المدير وغيره، بأن فرعون سيحصل وفق طريقة تقديره ذاتها، على ربح مقداره: 1 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثين التي يمتلك فيها المعمل، موفراً كهرباء ومياه حكومية منخفضة التكاليف، موفراً في ثمن الأرض التي تقع على مقربة من المقالع الحكومية، والمخدّمة على اعتبارها جزءاً من معمل عدرا، والتي لن يتلزم فيها بتقديم أية نسبة ربح أو حصة للحكومة، والتي لن تلزمه أيضاً بأي سعر مدعوم، أو ربح مخفّض، بل سيعمل وفق قوانين السوق، التي سيحتكر جزءاً هاماً منها، بعد مشاركته في استثمار معامل الدولة العاملة (عدرا وطرطوس) وحصوله على معمله الخاص على أراضي الدولة، والذي سينتج له قرابة 60 مليون طن، وربحاً يبلغ: 1 مليار دولار خلال 30 عام.
وهذا التقدير إذا ما افترضنا كافتراض مدير الشركة، أن أسعار الاسمنت لن تتغير، وأن الشركة لن تبيع بأعلى من الأسعار العالمية، وهي التي ستعمل في السوق السورية، حاصلة على امتياز احتكاري لبيع مادة الاسمنت، المادة الأكثر طلباً خلال المرحلة القادمة، مرحلة إعادة الإعمار.