عبّاد شمس: العودة للتجارة كقاطرة للنمو؟!
تكثف الحكومة سياستها عملياً بجانبين، الأول: هو تمويل وتسهيل الاستيراد. وإن النتيجة العملية التي وصلت لها هذه السياسة باتت واضحة، هي تدهور سعر صرف الليرة بشكل أكبر، وارتفاع الأسعار المستمر، وانخفاض الاستهلاك الشعبي، والضغط على الإنتاج الوطني، بالسماح للسلع الأجنبية بغزو اقتصادنا، مستغلين ظروف الأزمة، والتي كان وما زال بالإمكان إنتاجها، فيما لو تم العمل على دعم الصناعة والإنتاج الزراعي الوطني.
إن الجانب الثاني الذي تبني الحكومة سياستها عليه هو التصدير، وعلى ذلك، الحكومة كثيراً لتحسن التصدير، وروّجت أيضاً لوجود أسواق مغرية في دول الجوار، كما تقوم على إغراء المصدرين بتخفيض سعر صرف الليرة المستمر، ما يسمح بتنافسية أعلى لمنتجاتهم في الأسواق المجاورة، كما أنها لا زالات تعدهم بالمزيد من تمويل استيراد مستلزمات إنتاجهم، لحثهم على التصدير، كيفما اتفق. وقد بينا أن هذا الاعتماد على التصدير، يرهن الاقتصاد الوطني لطبيعة الطلب وتقلباته في الأسواق المجاورة، كما يرهنه لحال طرق النقل على الحدود المتوترة كما حصل في معرب نصيب مع الأردن، ويكيف الاقتصاد لإنتاج سلع لدول الجوار، وهو ما يعني انخفاض كميات السلع في السوق السورية، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها.
بتكثيف هذين الجانبين، لهذه السياسة، سنصل إلى المقولة السابقة التي استند إليها النموذج الليبرالي السابق/الحالي وهي أن (التجارة قاطرة النمو) حيث أن كلا هذين الجانبين، يعتمدان على التجارة الخارجية كمحرك للنمو في الاقتصاد، أكثر من اعتماد الاستثمار أو الإنفاق الحكومي، أو الاستهلاك الشعبي، كمحركات أساسية لهذا النمو. ومن هنا يمكن فهم التساهل/الانفلات المستمر، في سعر صرف الليرة، حيث كانت سياسات المصرف المركزي متكاملة بشكل كبير مع سياسات الحكومة لخدمة هيمنة التجارة الخارجية.
الخطير في الأمر، أن هذه السياسة التي تزيد من معدل الانكشاف على العالم الخارجي، تأتي في اللحظات الأسوأ بتاريخ الاقتصاد السوري، ما يجعل اقتصادنا أقل مناعة تجاه سلبيات هذا الانكشاف. وطالما أن الحكومة الحالية، التي تمثل سياساتها مصلحة النظام الاقتصادي السائد، خبرت مخاطر الانكشاف الاقتصادي على الخارج، في ظروف الرخاء فما بالها تصر على السياسة نفسها في ظروف الأزمة.
لقد قال الدردري التي شتمته الحكومة الحالية وأقطاب واسعة في النظا في منبر إعلامي سابقاً: أن مرحلة تحرير الميزان التجاري في ميزان المدفوعات هي نقطة اللاعودة في تحولات الاقتصاد السوري. واليوم تغذ الحكومة السير، لهيكلة الاقتصاد بالاعتماد الكلي على التجارة الخارجية، وهو ما يزيد هيمنة تجار العالم الخارجي الغربي غالباً وفقاً لطبيعة علاقتنا التجارية التاريخية ووكلائهم من تجار المستوردات وتجار الدولار المستفيدين من اعتماد اقتصادنا على التجارة الخارجية.