من عجائب الموازنة في عام 2015!
كان وسطي تكلفة إضافة فرصة عمل جديدة في الاقتصاد السوري عام 2005 تتطلب انفاقاً استمثارياً بمقدار (2) مليون ليرة سورية، وذلك وفقاً لما ورد في "دراسة علمية محكمة1" لجامعة تشرين السورية.
يفترض المنطق السليم وبناء على واقع الأزمة السورية أن تكلفة إنشاء فرصة العمل الواحدة في الظروف الحالية قد ارتفع لعدة أضعاف، وإذا اعتمدنا مؤشر تغير سعر الصرف منذ تلك الحقبة حتى عام 2015 فإن تكلفة فرصة العمل يجب أن تتضاعف ثلاث مرات لتصبح (6) ملايين ليرة سورية تماشياً مع سعر صرف الدولار وفق لأقل الاحتمالات، حيث تم الافتراض جدلاً عدم تأثير باقي الظروف (السياسية والأمنية وهروب الأموال) والاكتفاء فقط بتغير سعر الصرف كمحدد لتطور تكلفة إنشاء فرصة العمل هذه.
لكن الموازنة الحكومية لعام 2015 تقول غير ذلك فوفقاً للحسبة التي سنبينها بعد قليل، تشير الموازنة إلى إنخفاض تكلفة فرصة العمل إلى (1) مليون لير سورية تقريباً فقط!! فكيف حدثت هذه المعجزة؟!
حجم فرص العمل المضافة فعلاً
وبغض النظر عن التفسيرات التي نتمنى أن يجيبنا عليها أحد، فسنبين كيف تم احتساب تكلفة فرصة العمل الجديدة، حيث سنستخدم المعطيات الموثقة وفق البيان الحكومي لمشروع الموازنة لعام 2015.
تقول الحكومة إنها أضافت (48649) فرصة عمل في القطاع الإداري عن العام الماضي وأن اعتمادات الرواتب المقدرة لهؤلاء العاملين هي (10,2) مليار ليرة، وتضيف البيانات أيضاً أن الحكومة ستنفق عملياً من هذه المليارات العشرة فقط (5,75) مليار ليرة كإضافة عن العام السابق، فالجزء المتبقي هو عبارة عن أجور العمال المسرحين في العام الماضي حيث سيستبدلون بعمال جدد. أي أن الإضافة الفعلية على عدد العمال هم فقط المشمولون بمبلغ الـ (5,75) مليار ليرة. وهذا يعني أن فرص العمل المضافة فعلياً في هذا العام هي (27424)2 فرصة عمل تقريباً أي نصف الرقم الكلي المعلن في الموازنة.
تكلفة فرصة العمل تنخفض للنصف!
من المعروف علمياً أن الإنفاق الاستثماري في الموازنة الحكومية هو المسؤول فعلياً عن إضافة استثمارات جديدة وبالتالي خلق فرص عمل جديدة، وتوضح البيانات حول الإنفاق الاستثماري أنه زاد بمقدار (30) مليار ليرة فقط عن العام السابق حيث بلغ في عام 2014 مقدار (380) مليار و(410) مليار ليرة في عام 2015. أي أن الـ(30) مليار ليرة الإضافية في الإنفاق الاستثماري هي ما أضافت الـ (27424) فرصة عمل الإضافية.
وبتقسيم مبلغ "الانفاق الاستثماري المضاف" على "حجم فرص العمل المضاف" في 2015، سنجد أن تكلفة فرصة العمل الواحدة المضافة تبلغ (1,093,932)، أي مايزيدعن مليون ليرة سورية بقليل فقط لاغير!!.
أي أن تكلفة فرصة العمل الجديدة في 2015 (1) مليون ليرة هي نصف التكلفة في عام 2005 البالغة (2) مليون ليرة، فكيف تستقيم هذه المعادلة!!
هوامش:
1-دراسة بعنوان "مدى فاعلية تخفيض أسعار الفائدة في إطار عملية الإصلاح المالي والنقدي في سورية" دراسة للدكتور أكرم الحوراني منشورة في مجلة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية- المجلد (27) العدد (2) 2005
2- طريقة الحساب:
كل 48649 فرصة عمل يقابلها 10,2 مليار ليرة كأجور
كل X فرصة عمل يقابلها 5,75 مليار ليرة كأجور
X= 27424 فرصة عمل.