نصف مليون ليرة ثمن سيارات صنعت قبل 1990 المستعمل يتصدر العرض والطلب في ظل غياب المستوردين
بلغت أسعار السيارات المستعملة المعروضة للبيع في دمشق حالياً، ضعف أسعارها قبل بدء الأحداث في سورية، حيث وصلت نسبة ارتفاع الأسعار في سوق السيارات المستعملة حوالي 200%، بحسب ما اطلعت عليه «قاسيون» من عروض للأسعار، في حين تعيش سوق السيارات الجديدة ركوداً شبه تام، مع تراجع حركة الاستيراد إلى مستويات أقل مما كانت عليه بأربع أو خمس مرات، بحسب خبراء.
وتأتي هذه المؤشرات، بعد أن شهدت تجارة السيارات تأرجحاً في القرارات المتخذة بشأنها، إذ تم إلغاء قرار عام 2011 بعد صدوره بأيام معدودة، قضى بتعليق استيراد السيارات مع جميع المستوردات التي تزيد رسومها الجمركية عن 5%، ومن ثم تم إصدار مرسوم برفع الرسوم الجمركية على السيارات، اعتبره بعض الاقتصاديين بديلاً عن تعليق الاستيراد، حيث ارتفعت رسوم بعض أنواع السيارات بموجب المرسوم 100%، فضلاً عن دور هكذا مرسوم بتصنيف السيارة من السلع الكمالية خاصة أنها كغيرها من المستوردات تحتاج لتخصيص قطع أجنبي.
صالات خاوية
أصحابها تركوا البلاد
وحاولت قاسيون التواصل مع عدة شركات لاستيراد وتجارة السيارات، إلا أن معظم التجار المستوردين غير متواجدين داخل البلاد، في حين لا تقوم غالبية الشركات باستيراد السيارات منذ أكثر من سنتين، فضلاً عن خلو صالات البيع التابعة لها من أي معروضات..
أما أحد المكاتب العاملة في مجال استيراد وتخليص السيارات جمركياً، بين لقاسيون إن عملية استيراد السيارات السياحية ضئيلة جداً، مقارنة بالوقت السابق، حيث أثر ارتفاع سعر صرف الدولار على أسعار السيارات محلياً، وجعلها غالية الثمن.
عمولة للتجارة الخارجية 10%
وتابع صاحب المكتب الذي فضل عدم ذكر اسمه «إن وجود عمولة تتقاضها مؤسسة التجارة الخارجية تبلغ 10% من قيمة السيارة المستوردة، وتحويل القطع، وكثرة الرسوم المفروضة حديثاً بعد إضافة رسوم جديدة عليها، جعل من أسعار السيارات خيالية، ما دفع التجار إلى العزوف عن استيرادها».
وعن نسبة هذه الرسوم من قيمة السيارة، أوضح صاحب المكتب «إن الرسوم المفروضة على السيارات تختلف حسب حجم المحرك، وحسب بلد المنشأ، حيث تقوم لجنة مختصة في إدارة الجمارك بتسعير السيارات».
السيارات تعبر الخليج لتصلنا
وأشار إلى أن «السيارات عموماً، وأوروبية المنشأ تحديداً، تأتي عن طريق دول الخليج، حيث يتم استيراد تلك السيارات إلى الخليج لترسل إلى سورية قبل دفع جماركها هناك، وإلا باتت مكلفة جداً».
وبخصوص سوق المستعمل، لفت المخلص الجمركي، إلى أن أسعار السيارات المستعملة شهدت انتعاشاً كبيراً بلغ نسبة حوالي 200%، فسعر سيارة الكيا ريو وصل إلى 2 ميلون و800 ألف ليرة سورية، بعد أن كانت 750 ألف ليرة مع نمرة، في السابق.
سيارات جديدة من إيران
أما عن حركة الاستيراد في مرفأ طرطوس، فبينت مصادر في المرفأ لقاسيون، إن استيراد السيارات السياحية قليل إلى حد ما في الفترة الحالية، حيث كان لقرار تعليق الاستيراد رغم إلغائه، والعقوبات الاقتصادية التي فرضت على البلاد الأثر الكبير على عملية الاستيراد.
وكشفت المصادر عن وصول 200-300 سيارة سابا حديثة إيرانية المنشأ لمصلحة شركة سيامكو، ما زالت غير موضوعة بالاستهلاك حتى الآن.
وكانت «المديرية العامة للجمارك» بينت في وقت سابق، أن «استيراد السيارات انخفض من 87 ألف سيارة عام 2010 إلى 900 سيارة في عام 2013».
سيارات قديمة بأسعار خيالية
وبالعودة لوضع سوق السيارات المستعملة، تبدو الأرقام المطلوبة مقابل أنواع السيارات المعروضة للبيع في تلك السوق غير منطقية، وأعلى من سعر شراء السيارة الجديدة منذ عامين أو ثلاثة، حيث يطلب مالكو السيارات القديمة مبالغ طائلة مقابل سياراتهم، لعلمهم أن الاستيراد في أضعف أحواله، وأنه لا توجد سيارات جديدة ولا صالات للبيع بالتقسيط، ولا حتى قروض مصرفية.
وبحسب ما رصدته قاسيون في سوق السيارات المستعملة، كان هناك انتعاش للسيارات القديمة جداً والتي تعود إلى ما دون عام 1990، لأن أسعارها كانت تتراوح ما بين النصف مليون ليرة سورية حتى ربع مليون (250 ألف ليرة)، وهو ما يعتبر سعراً وسطياً بالنسبة للمواطن السوري في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها، وخاصة وأن باقي السيارات المستعملة انتاج عام 1995 وما فوق كانت أسعارها غير منطقية وغير مناسبة لوضع المواطن السوري.
ورغم التوقعات التي بثها تجار السيارات في وقت سابق مع كل ارتفاع لسعر ليتر البنزين وتحول السيارة إلى عبء على مالكها، فضلاً عن صدور المرسوم القاضي بمنع إخراج السيارات السورية بقصد بيعها إلا بعد الحصول على إذن تصدير رسمي ودفع كافة الرسوم، لم تزل اسعار السيارات مرتفعة، ولم تتأثر بجملة العوامل السابقة.
فعلى سبيل المثال، تعرض سيارة بيجو 505 تعود سنة تصنيعها لعام 1983، بسعر 550 ألف ليرة سورية، بينما يطلب آخر مقابل سيارة كيا مورنينغ 2008 مبلغ ميلون و200 ألف ليرة سورية، فيما يطلب بائع آخر لقاء سيارة كيا سيراتو مبلغ مليونين و700 ألف ليرة سورية، ويعرض آخر بيع سيارة بيجو 206 بسعر 875 ألف ليرة سورية، علماً أن جميع هذه السيارات مستعملة وبعضها تعرض لأعطال وأعمال صيانة كانت سابقاً تؤثر سلباً على سعر السيارة.
أما السيارات الصينية المنشأ فحالها ليس بالمختلف، وبعد أن كانت من أرخص السيارات ثمناً في السوق السورية، سواء تم شراؤها نقداً او بالتقسيط، باتت الآن تنافس بأسعارها الأنواع الأخرى، في ظل قلة الوارد الجديد إلى السوق وكون استهلاكها للبنزين أقل من الأنواع الشهيرة، حيث يطلب مالك سيارة بي واي دي مني بناقل حركة عادي، مبلغ 800 ألف ليرة سورية مقابل سيارته، التي كانت تباع جديدة فيما مضى بسعر 500 ألف ليرة تقريباً، كما يطلب مالك سيارة جيلي ميني 2005 بناقل حركة عادي سعر 750 الف ليرة سورية.
السيارة للتهريب والتهريب بها
وكان للأزمة التي تعيشها سورية لسنوات متتالية، أثرها المتعدد الجوانب على وضع السيارات وسوقها تحديداً، حيث ارتفع الطلب على السيارات بغرض استخدامها في التهريب ونقل البضائع، إضافة لتهريب وبيع السيارات ذاتها بعد إزالة لوحاتها، إذ بات الطلب على السيارات الجديدة والحديثة عالياً كونها تدر أرباحاً أكثر، فيما كان الطلب على السيارات الكبيرة والجيب والبيك آب لأغراض التهريب والنقل بين الدول والمناطق..
ومن ناحية أخرى، أدت عمليات سرقة السيارات، وتعرضها لخطر الاحتراق أو التدمير، أو أضرار أخرى كالتكسير، التي زادت معدلاتها في الفترة السابقة وفي ظل الأزمة، إلى تخوف مالكي السيارات وخاصة الحديثة، ما دفعهم إلى بيعها، وشراء أرخص كبديل، وبالتالي زاد المعروض في المناطق الأكثر أمناً من تلك السيارات الحديثة ما حث المقتدرين على الشراء لعدم توفر المستورد الجديد.
وكانت مصادر قضائية كشفت بداية العام الحالي، أن «نسبة سرقة السيارات في المحافظات السورية كافة وصلت إلى 70% عن السنوات الماضية، ما يدل على وجود عصابات منظمة تقوم بهذا العمل».
يشار إلى ان أنباء عن السماح باستيراد السيارات السياحية الصغيرة المستعملة، انتشرت في فترات سابقة، لكن وزارة الاقتصاد نفت الموضوع جملة وتفصيلاً، مؤكدة أن سورية تعمل وفق أنظمة التجارة الخارجية النافذة ، ما يعني السماح باستيراد السيارات السياحية الجديدة وغير المجددة والتي يعود سنة صنعها إلى سنتين عدا سنة الصنع.