على عكس التصريحات تأتي القرارات..
لا تنسى الحكومة تصويب سهامها باتجاه «الدعم»، مستندة على قاعدتها الذهبية القائلة بأن «الدعم سيبقى في ازدياد ما دام التغير تصاعدي ودائم في أسعار الصرف»، والذي أوصلته الإدارة الاقتصادية إلى ما يزيد عن 160 ل.س لتبرير سياساتها اللاحقة لا لشيء آخر، فعندما رفع سعر ليتر البنزين إلى 120 ل.س تحدث وزير النفط والثروة المعدنية سليمان العباس أن الليتر لا يزال مدعوماً بـ 4 ليرات سورية، استناداً إلى السعر الرسمي للدولار حينها (146 ليرة)، والآن سيتحدث الوزير عن أرقام دعم جديدة ما دام سعر الصرف تحركه الإدارة الاقتصادية للبلاد كلما شاءت، فما يرفع سعر الدولار مركزياً ليس
الضغط القائم على الليرة بل ضغط الحاجة الحكومية لتبرير القرارات اللاحقة..
على عكس البيانات الحكومية وتصريحات المسؤولين تأتي القرارات، حيث أكد البيان الحكومي قبل ايام فقط على النهوض بالمستوى الاجتماعي للمواطنين وتلبية حاجاته المتجددة، نافياً أي نية حكومة للتخلي عن الدعم، وإنما الخطة عقلنته، فهل سيساهم رفع سعر المازوت والبنزين في النهوض بالمستوى الاجتماعي للمواطنين؟! وهل سيلبي هذا القرار حاجاتهم المتجددة؟! ألا يدخل هذا القرار في سياق خطة حكومية لإنهاء الدعم من جذوره؟! وهل عقلنة الدعم تفترض تجريد المواطن السوري من مرتكزات أمنه الاجتماعي – الاقتصادي عبر تلك القرارات الحكومية؟!
قال رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي خلال افتتاح المؤتمر السنوي لفرع نقابة أطباء دمشق 2013 «إن الحكومة ملتزمة بكامل واجباتها تجاه المواطنين، وهي تدعم كل المشتقات النفطية والمواد التموينية الأساسية بأضعاف ما كانت عليه في السابق»، فأين يمكن صرف هذا الالتزام الذي تحدث عنه رئيس الحكومة؟!. وأين تلك الأضعاف التي تحدث عنها؟! فالدعم يقاس بنتائجه على المواطن السوري، وهو الذي تزداد معاناته اليومية مع تلك القرارات الحكومية، فليس الدعم بسلة أرقام حكومية ترشق به الرأي العام وتضلله كلما شاءت وإنما بالنتائج الإيجابية التي يتركها الدعم على شرائح واسعة من السوريين!!.
ومن أرشيف التصريحات، أكد مدير عام الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية «محروقات» محمود يوسف كرتلي في وقت سابق أن الأخبار المتداولة عن رفع أسعار المشتقات النفطية غير صحيح لا من قريب ولا من بعيد، مشيراً إلى أن صفحات الإنترنت تناقلت هذه المعلومات ولا صحة لها على الإطلاق فإذا صدقنا حديثه، ففي أي سياق يمكن أن نفهم قرار رفع سعر المازوت والبنزين؟! وإلى متى سيوهمون السوريين بالإشاعات السابقة حتى تأتي القرارات اللاحقة بأخبار قاتلة لبريق الأمل الذي اعتادوا التفاؤل به؟!
نقمة شعبية
انتهك قرار الحكومة الموقرة سعر ليتر المازوت الحر من 60 ليرة سورية إلى 80 ليرة، وسعر ليتر البنزين من 120 ليرة إلى 140 ليرة حاجات السوريين الاساسية، وأثار نقمة شريحة واسعة من السوريين، وخصوصا الفقراء وذوي الدخل المحدود، فكيف ينظر السوريون إلى هذا القرار الحكومي؟!.
اعتبر أحد المواطنين أن قول معالي الوزير بعقلنه الدعم لا تحترم عقل المواطن، فالعقلنة تفرض على الوزير وسواه من مسؤولي الدرجة الأولى التخلي عن العديد من سياراتهم التي يسخروها لترفيه أولادهم، لأن من ساواك بنفسه ماظلمك.
وقال آخر إن تلك السياسة الحكومية ما هي إلا سياسة تجويع ممنهج، فكيف يتحدثون عن مكافحة الفساد وهم يضعون الموظفين أمام خيارين أحلاهما مر فإما الفساد والرشوة أو الفقر والجوع، فمن لم يمت بالهاون والقذائف، فهاهي الحكومة ستؤمن موته بالبرد والجوع في هذا الشتاء.
واعتبر آخر أن تلك القرارات تنبئ بشيء واحد وهو ما يهدد بالانهيار الاقتصادي - الاجتماعي، لأنها ستزيد من التضخم في الاقتصاد الوطني، مما سيضاعف من الشرائح التي ستدخل مستنقع الفقر المدقع، وتزيد الهوة بين المواطن والدولة.