رئيس نقابة عمال النفط بدمشق لقاسيون: الكازيات الخاصة بلا رقيب وهي سبب مشكلة المازوت
أجرت صحيفة قاسيون لقاءً صحفياً مع السيد علي مرعي رئيس نقابة عمال النفط والثروة المعدنية بدمشق وذلك للوقوف عند أزمة المازوت التي تجتاح معظم المناطق السورية على أعتاب فصل الشتاء:
السيد علي مرعي.. هل لديكم معطيات عن أسباب وحجم أزمة المازوت التي يعاني منها المواطن السوري اليوم
قبل الأزمة كنا نستورد المشتقات النفطية كالمازوت والفيول والبنزين بمبادلته بصادراتنا من النفط الخام وذلك لم يكن يحمل خزينة الدولة عبئاً، بل كان النفط الخام رافداً أساسياً لخزينة الدولة. بعد الأزمة وبسبب الحظر الاقتصادي الغربي وسيطرة "الإرهابيين" على حقول النفط بالإضافة إلى تفجير بعض الخطوط زادت الأعباء على الدولة، حيث بتنا نستورد هذه المشتقات عبر التجار الذين يقومون بـ"السمسرة" على الدولة، وكانت الدولة تتحمل كل هذه الأعباء لتأمين المادة للمواطن وللقطاعات الهامة كالنقل والمشافي والأفران.
وفي ظل هذا النقص طالبنا في مجلس الاتحاد العام وبحضور رئيس مجلس الوزراء ومنذ زمن بأن يكون هناك دراسات جدية لكيفية توزيع المشتقات النفطية المستوردة بشكل دقيق وعادل، فهناك مواطن قد ينال (400) ليتر وآخر لا ينال أكثر من (20) ليتر وهنالك مواطنون مدعومون ينالون (1000) ليتر!!.
هناك مشكلة أخرى في طريقة توزيع مادة المازوت وهي أن ضغط التوزيع يحمل بشكل كبير على كاهل القطاع العام، فهو يوزِّع للمشافي والمرافق الحكومية والأفران والجيش وكافة أجهزة للدولة، بينما يتم إشراك القطاع الخاص في عملية التوزيع للمواطنين والنقل. إلا أننا نعرف أن مشكلة القطاع الخاص في سورية أنه استغلالي ولا يلبي الغرض تحديداً في هذه الأزمة، حيث زاد استغلاله عما قبل الأزمة مئات المرات، ففي أزمة المازوت يأخذ القطاع الخاص ممثلاً بالكازيات الخاصة مخصصاته مما تستورده الحكومة كي يقوم بتوزيعها على المواطنين أو على وسائل النقل إلا أننا نرى غير ذلك حيث لا ينفذ القطاع الخاص هذه المهمة أبداً!
وفي ظل تراجع قدرات خزينة الدولة فالمفروض وبالحد الأدنى أن يؤدي القطاع الخاص دوره بتوزيع هذه المادة التي يستجرها من القطاع العام، فليس من المنطقي أن تتحمل 5 كازيات حكومية كل أعباء التوزيع بينما تحصل كازيات القطاع الخاص على مخصصاتها دون أن نعرف كيف وإلى أين تذهب. وبالوقت ذاته لا تقوم الرقابة التموينية أو سلطات الجمارك بمعايرة ومراقبة توزيع القطاع الخاص الذي يبيع المازوت للسوق السوداء ولكنها تقوم بملاحقة كازيات القطاع العام فقط! وهذا ما يؤدي إلى خسارة الدولة وإرباكها. وهل من المعقول أن لا ينتبه المسؤولون الحكوميون والجهات الرقابية لهذه المشكلة الواضحة للعيان ونحن نتحدث بها منذ سبع سنوات.
فها نحن نصرح كنقابات عمال ونشير إلى المشكلة ونضع الحلول ولا أحد يتحرك لمحاسبة القطاع الخاص الذي لا يؤمن حاجات المواطنين من مادة المازوت رغم توافرها لديه، وهم من استفادوا ونهبوا قبل الأزمة كثيراً فهل القطاع الخاص خارج عن سيطرة الدولة؟!!. رغم أنني لست من حيث المبدأ ضد القطاع الخاص إلا أن هؤلاء الذين يتلاعبون باقتصاد البلد في لحظة الأزمة هم أخطر من الإرهابيين وينبغي ضربهم.
تركزون على أن معظم المشكلة هي في طريقة توزيع المادة ألا يوجد مشاكل في إنتاج أو خطوط الاستيراد البديلة التي استخدمتها الحكومة السورية بعد الحصار؟
قبل الأزمة كانت مصافينا تنتج (4) مليار ليتر سنوياً من المادة وكنا بحاجة (9) مليار ليتر سنوياً وبعد الأزمة صار هناك نقصٌ كبير بسبب الحصار والتدمير الإرهابي للإنتاج، ومع ذلك حاولت الدولة أن لا تشعر المواطن بالنقص وباتت تستورد عبر التجار ومن عدة دول كإيران وفنزويلا وروسيا. لكن هذه السنة تأخرنا باستيراد المادة رغم أن شركة «محروقات» أعدت خطة كاملة للاحتياجات وأرسلتها لمؤسسة «تسويق النفط» التي تقوم بدراستها كونها المسؤولة عن استيراد المادة، ووعدت المؤسسة أنه ببداية الشهر القادم سيتم حل المشكلة.
بالنسبة لي كمواطن أنا مستعد أن أتحمل أعباء رفع الأسعار لتخفيف الحمل الثقيل عن الدولة، لكن بالمقابل ينبغي أن يكون توزيع المادة عادلاً وهذا ما يخفف العبء على الدولة والمواطن معاً، كما أنه ليس من المعقول أن تترك أسعار المادة لتصل إلى (150) ليرة و(200) ليرة لليتر دون رقابة ودون تدخل الجهات المعنية إلا إذا كانت هذه الجهات مستفيدة من ارتفاع سعر المادة، ويبدو أنهم مستفيدون طالما أنهم لا يقومون بواجبهم ومراقبة التوزيع في كازيات القطاع الخاص في الوقت الذي يستمر فيه المراقبون التموينيون بمراقبة القطاع العام فقط!!
هل ليدكم تقدير لحجم ما يخصص لكازيات القطاع الخاص من مادة المازوت؟
في العام قبل الماضي كانت كازيات القطاع الخاص تأخذ ثلاثة أضعاف ما تأخذه كازيات القطاع العام، وحينها أيضاً أُعطيت مادة «المازوت الأخضر» الخاصة بالنقل للقطاع العام بينما أُعطي «المازوت الأحمر» الخاص بالتدفئة لكازيات القطاع الخاص، وقدمنا حينها مذكرة اعتراض لوزير النفط السابق «سفيان علاو» لكي يتم إعطاء مادة «المازوت الأحمر» للقطاع العام.
ما زال القطاع الخاص حتى اللحظة يتزود بالمادة وله مخصصات جيدة وهم يُمنحون إذن شحن مصدق من الجهات المُزوِّدة، وينبغي أن يعرف إلى من تُعطى هذه الكمية وأن يُختم إذن الشحن هذا في آخر نقطة يصلها لمعرفة فيما لو تم تفريغ المادة أم لا، وأين تم تفريغها، كما ينبغي مراقبة هذه العملية ومعايرة خزانات كازيات القطاع الخاص ووضع جدول بأسماء مستلمي المادة في نهاية المطاف. إن هذه الآلية في الرقابة معتمدة في القطاع العام ومبرمجة على الكمبيوتر وبالإمكان تطبيقها على الكازيات الخاصة وينبغي تطبيقها لمعرفة من المستفيد من المازوت، فمن الممكن أن يكون المستفيد في نهاية المطاف هم الإرهابيين على سبيل المثال، وهناك إمكانية وضرورة لاستصدار قانون يلزم القطاع الخاص بهذه الآليات!.
في بداية عام 2014 قالت شركة «محروقات» إن المصافي السورية عادت للإنتاج لمستويات ما قبل الأزمة وأن مصافينا عادت تستورد النفط الخام وتكرره، وبالوقت نفسه انخفض الاستهلاك بنسبة 60%، ألا يحقق ذلك فوائض؟ وأين تذهب هذه الفوائض؟
لا أريد الحديث عن الأمور التخطيطية لشركة "محروقات"، ولكن كلنا نعرف أن المصافي السورية كانت تكرر (4) مليار ليتر سنوياً من نفطنا الخام أما الآن فنحن نستورد النفط الخام ونقوم بتكريره فهل طاقتنا التكريرية تستوعب زيادة فوق الـ(4) مليار ليتر؟! لا اعتقد ذلك. فنحن مازلنا بحاجة إلى (5) مليار ليتر إضافية لتغطية حاجتنا بناء على مستويات قبل الأزمة. ولكن أستطيع القول حالياً إن مستوى الاستهلاك قد انخفض كثيراً عن المستويات السابقة نتيجة التهجير وغلاء مادة المازوت وكل السلع الأخرى وإنخفاض القدرة الشرائية للدخول، ومن كان يستهلك (400) ليتر انخفض استهلاكه اليوم إلى (100) ليتر.
هل ليدكم تقديرات لحجم الفساد أو هل تعرفون ماهي الكميات التي يستجرها القطاع الخاص من الدولة؟
ليس لدينا هذه المعطيات، فلا أحد يقبل أن يعطينا مثل هذه الأرقام المتعلقة بالكميات التي توزع للقطاع الخاص، ولكننا نؤكد أن كازيات القطاع الخاص يصلها مخصصاتها بشكل دوري ومنتظم والجميع يستطيع أن يرى أن هذه الكازيات لا تبيع شيئاً منه للمواطنين. ألا يرى المسؤولون ذلك أم أنهم متواطئون؟!