الأسباب الحقيقية لأزمة المازوت.. بيانات وتجارب سابقة
تبدأ أزمة المازوت قبل مجيء شتاء العام الرابع للأزمة السورية، ويصرح المسؤولون بأن المواطنين لن يستطيعوا الحصول على الكميات المخصصة، نظراً لعدم وجود الكميات الكافية من المشتقات النفطية..! وهذا يتناقض مع الأرقام الرسمية. حيث وضحت بيانات من شركة محروقات حول النصف الأول من عام 2014 حصلت عليها قاسيون، ونشرت في العدد 653بعنوان (بيانات من (واقع) النفط والمشتقات.. توضـح الكثير وتسـتوجب التوضــيح!)، أن إنتاج المشتقات في المصافي السورية يعادل إنتاج الأعوام السابقة للأزمة، وقد طرحنا تساؤلاً في ذلك الحين لم يجد جواباً لدى الجهات المختصة ونكرره مع أزمة اليوم! والسؤال:
ما الذي يفسر وجود إنتاج محلي من المشتقات في المصافي الوطنية، يعادل إنتاج ما قبل الأزمة على الرغم من تراجع إنتاج النفط الخام بمقدار 95%، أي لماذا يتم استيراد نفط خام لإنتاجه بهذه الكميات على الرغم من تراجع استهلاك المشتقات النفطية الرئيسية بنسب تزيد عن 60%، وبسؤال آخر لماذا استيراد وإنتاج كميات كبيرة لا تستهلك، وبالتالي من يستهلكها!!
ولعل طرق التهريب ونقل المحروقات إلى السوق السوداء، المتمثلة في خلل واضح بطرق واتجاهات توزيع الصهاريج الرسمية توضح الكثير..
في شهر شباط من عام 2013، شهدت سورية أكثر أزمات البنزين والمازوت صعوبة، وكان واضحاً كما في كل أزمة أن مراكز توزيع المحروقات الخاصة، شريك هام في عمليات احتكار المادة مع السوق السوداء التي توافرت لديها المواد بأسعار مضاعفة، وأن الخلل الرئيسي في مصدر التوزيع الأساسي، أي شركة محروقات.
تبين لقاسيون في ذلك الحين، الخلل الهيكلي الذي يسمح بخروج جزء هام من المحروقات لسوق التهريب بشكل مباشر.
وتم احتساب أنه من تاريخ 12-1-2013 وحتى تاريخ 17-1-2013، أي ستة أيام من عمر الأزمة تحقق ربحاً بالحد الأدنى لسوق التهريب بمقدار 90 مليون ل.س، والطريقة هي نقل الصهاريج الرسمية للمحروقات إلى كازيات متوقفة، وإلى مناطق حدودية ذات كثافة سكانية منخفضة. فحوالي 27 محطة متوقفة في ريف دمشق، وصلها خلال الأيام الستة المذكورة حوالي 2 مليون ليتر مازوت، وذلك وفق بيانات رسمية، فبلدة قارة الحدودية تضم 25 ألف نسمة و 12 محطة وقود. وبلدة جديدة عرطوز تضم 130 ألف نسمة في حينه، ولديها محطة وقود واحدة. بينما وصل لكل من يلدا وحرستا وكلتاهما كانت مناطق مشتعلة في ذلك الحين، فقد وصلت الطلبيات بانتظام وبمقدار 860 ألف ليتر مازوت خلال الأيام الستة المذكورة.
وبناء على البيانات والتجارب السابقة نستطيع القول، بأن أزمة المازوت الحالية لا تعود لنقص الكميات، بل لخلل التوزيع ونقل الموارد إلى السوق السوداء صاحبة الذراع الأطول في بلد يتقاذفه الفساد والفوضى والحرب.