سوريون يحاولون خفض تكاليف العيد.. وقرارات حكومية بالاتجاه المعاكس
استشعرت أسواق دمشق قرب العيد قبل حلوله، وآثر التجار استغلال هذه المناسبة كعادتهم، فلم يكد العيد يعلن يوم الاثنين، حتى كانت أسعار اللحوم والخضار والفواكه والملابس والحلويات قد تضاعفت في مختلف الأسواق..
ورغم ذلك، ازدحمت الشوارع بالناس وبالبسطات على حد سواء، فكانت حركة السوق والبيع والشراء الأكثف منذ ثلاث سنوات، حتى مع الغلاء الكبير في سعر كافة السلع والمنتجات الغذائية منها وغير الغذائية.
عودة الحلويات المنزلية
ففي حارة شعبية، يصنف سكانها من ذوي الدخل المحدود، بدأت رائحة الحلويات تنتشر في أزقتها، دلالة على الصناعة المنزلية، وتفضيلها على الحلويات الجاهزة الأكثر تكلفة، إضافة إلى اقتصار هذه الحلويات على النوع المحشي بالعجوة، دون الفستق والجوز، لارتفاع سعرهما، فضلاً عن توجه الكثيرين لشراء (بيتيفور) لتقيدمه في العيد كونه أوفر ثمناً.
وبلغت تكلفة صناعة 3 كيلو حلو العجوة (معمول) 2500 ليرة سورية وسطياً، وكيلو البيتيفور يباع تقريباً بسعر 600 ليرة سورية.
الشوكولا تغيب عن القائمة
واكتفت معظم العائلات في الحارات الشعبية، بتقديم السكاكر دون تقديم الشوكولا والنوغا، اختصاراً لتكلفتها المرتفعة، حيث يبلغ سعر كيلو الشوكولا وسطيا 1500 ليرة سورية، حسب النوع والحشوة، بينما يبلغ سعر كيلو النوغا حوالي 3 آلاف ليرة، في الوقت الذي يمكن فيه شراء كيلو من السكاكر بسعر 500 ليرة تقريباً.
أما الضيافة المالحة الطعمة، مثل البزر الأسود الذي تباع الأوقية منه بسعر 140 ليرة، والفستق سعر الأوقية منه 200 ليرة، فكانا الأبرز خلال ايام العيد لدى تلك العائلات.
وبالنسبة للمشروب الأشهر في العيد، القهوة المرة، فكان سعر القنينة الجاهزة منه 350 ليرة، بينما استمرت معظم العائلات حتى مع انتهاء شهر رمضان بتقديم التمر هندي في العيد، حيث يباع الكيس المحلول منه بسعر 100 ليرة.
أما الفاكهة، فغابت تماماً عن ضيافة العيد هذا العام ايضاً، بسبب غلائها الشديد، فعلى سبيل المثال يبلغ سعر كيلو الدراق 250 ليرة سورية، وكيلو العنب 200 ليرة، وكيلو الموز الصومالي 225 ليرة، وكيلو التفاح 250 ليرة سورية، وذلك في سوق شعبي.
بالمقابل، تمكنت العائلات ذات الوضع الاقتصادي الجيد من شراء الحلويات الجاهزة، حيث يباع كيلو معمول الفستق وسطياً بسعر 2500 ليرة، وكيلو معمول الجوز من 1500- 2000 ليرة، في حين يصل ثمن كيلو المبرومة إلى 4 آلاف ليرة أو أكثر.
تسعيرات رسمية على الورق
وفي المقابل، وكالعادة لم يكن للجهات المعنية وتحديداً وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أي حضور، باستثناء حضورها الورقي، المختصر بنشراتها التي تناولت فيها أسعار الحلويات، والتي لم يسمع بها التجار ولم يجدوا من يلزمهم بالتقيد بها أيضاً.
وتضمنت نشرة مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق، والصادرة بالتعاون مع الجمعية الحرفية لصناعة الحلويات والبوظة، في دمشق والاتحاد العام للجمعيات الحرفية، سعر كيلو المبرومة بالسمن الحيواني بـ2750 ل.س يدخل فيها 25% من الفستق العجمي، والمبرومة بالسمن النباتي 2000 ل.س يدخل فيها 25% أيضاً من الفستق العجمي، والآسية بالسمن الحيواني بنسبة 25% فستق عجمي فسعر الكيلو 2400 ل.س، أما الآسية بالسمن النباتي والتي يدخل فيها نسبة 20% من الفستق العجمي فسعرها 1700 ل.س.
كما حدد سعر كيلو البلورية بالسمن الحيواني بفستق عجمي 20% بـ2100 ل.س، والبلورية بالسمن النباتي التي يدخل الفستق العجمي فيها بنسبة 18% سعرت بـ1700 ل.س.
أما سعر كيلو عش البلبل بالسمن الحيواني فقد حدد بنسبة 20% من الفستق العجمي بـ2200 ل.س، وسعر كيلو عش البلبل بالسمن النباتي بنسبة 18% من الفستق العجمي بـ1700 ل.س.
كما سعرت النشرة أسعار البرازق بالسمن الحيواني، حيث يعتبر الكيلو غرام الذي يحتوي 200 حبة برازق بسعر 1100 ل.س، والكيلو غرام منها الذي لا يقل عدد حباته عن 250 حبة بسعر 1250 ل.س، أما برازق السمن النباتي فسعره 750 ل.س.
وحددت المديرية سعر كيلو الغريبة بالسمن الحيواني بعدد لا يقل عن 150 حبة بـ1000 ل.س، أما الذي يبلغ عدد حباته 300 حبة فسعره 1250 ل.س، ووصل سعر كيلو الغريبة دون فستق بـ600 ل.س، أما عن العجوة فحدد سعر الكيلو بـ1000 ل.س إذا كانت بالسمن الحيواني، وبالسمن النباتي 750 ل.س.
وبحسب النشرة فإن ثمن كيلو الهريسة بالسمن الحيواني والمنقشة باللوز والكاجو بـ600 ل.س، والمصنوعة بالسمن النباتي 400 ل.س.
وأوضحت المديرية أن "هذه الأسعار حد أقصى لا يجوز تجاوزه، إنما يمكن البيع بأقل منه".
خدمات متواضعة بأسعار باهظة
وبخصوص المطاعم، تبين من خلال جولة على عدد من المطاعم في مناطق مختلفة، الارتفاع الكبير في أسعار الخدمات والمأكولات المقدمة، وعلى سبيل المثال، بلغ سعر وجبة الدجاج في أحد المطاعم بمنطقة الميسات 850 ليرة، بينما كانت في العيد الماضي حوالي 650 ليرة، وثمن كأس العصير 400 ليرة، بعد أن كانت لا تتجاوز 300 ليرة في أحسن الأحوال، كما بلغ سعر فنجان القهوة 200 ليرة، في حين كان ثمنه 150 ليرة سورية، العام الماضي، أما أحد المطاعم في منطقة الشعلان، فقد تقاضى ثمن أربع عبوات مياه صغيرة الحجم مبلغ 580 ليرة سورية، مايعني أن العبوة الواحدة يتم تقديمها بسعر 145 ليرة.
أما وزارة السياحة، فكأنها في بلد آخر، ولا تعلم بالارتفاع الكبير في أسعار الخدمات المقدمة في المطاعم وغيرها، حيث أن أياً من أصحاب تلك المنشآت لم يكن بانتظار القرارات لرفع أسعاره، بل كان سباقاً لتحصيل ربحه بشتى الأوقات، والآن تأتي السياحة بقرارها رفع أسعار المواد المقدمة في المقاهي ومطاعم الوجبات السريعة والسياحية بنسبة تتراوح بين الـ 10% و30%، إضافة لتحديد أسعار الوجبات في (البوفيه المفتوح)، على أن يتم البدء بتطبيق الأسعار الجديدة مطلع آب/أغسطس المقبل.
وجاء في قرار الوزارة، أنه (يتم تقاضي أسعار المواد المقدمة في صالات الشاي والمقاهي بزيادة بنسبة 10% على الأسعار الواردة).
وأضاف القرار، أنه يتم تقاضي أسعار مطاعم الوجبة السريعة بنسبة 10% بالنسبة لمطاعم الخدمة السريعة (أ) وبنسبة 20 % بالنسبة لمطاعم الخدمة السريعة (ب) عن أسعار المطاعم من المستوى الرابع (نجمتان)، لافتا إلى أن (الزيادات تطبق على المطاعم السياحية والمطاعم السياحية ضمن الفنادق في جميع محافظات القطر أربع نجوم ومادون، مع دراسة واقع للمقاهي والصالات والمنشآت في مختلف المناطق بما فيها الشعبية).
وأردف القرار الجديد أنه (في حال اقتصرت طلبات الزبائن على المشروبات فقط دون الأطعمة يتم منح المنشآت زيادة في سعر المشروبات المقدمة بما نسبته 30 % من أسعار المشروبات المعتمدة بالقرار)، مشيرا إلى أنه (يسمح بزيادة على أسعار المشروبات الكحولية بنسبة لا تتجاوز 30 %، حسب الاسم التجاري للمادة المقدمة".
كما تضمن القرار (تقديم المقبلات في منشآت الإطعام السياحية بكل مستوياتها بالطبق الافرادي وعدم تقديمها بالطبق المزدوج أو الثلاثي أو الرباعي، وتتقيد جميع المنشآت السياحية بعدم استخدام الخبز المدعوم من الدولة في منشآتهم السياحية".
ولفت القرار إلى أنه (في حال كان المطعم يدار أو يستثمر من شركة إدارة دولية معتمدة من الوزارة عدا السـورية الدولية 5 نجوم يتم منح زيادة على الأسعار بمقدار 24 % عن سقوف الأسعار المعتمدة لنفس المستوى المؤهل أو المصنف المطعم بها".
وبالنسبة لتحرير الأسعار، أشار القرار إلى أن (أسعار البيتزا تحرر في المطاعم كما تحرر الأسعار في المطاعم ذات المطبخ التخصصي (هندي صيني إيطالي) بعد حصولها على التأهيل السياحي أصولاً)، مضيفا أنه (يجب على أصحابها التقدم بلوائح الأسعار المقترحة منهم لدراستها وتصديقها من مديرية السياحة المختصة ليصار إلى الإعلان عنها أصولا".
وحددت وزارة السياحة في قرارها (أسعار وجبات الغداء أو العشاء المقدمة في البوفيه المفتوح، على أن يبلغ سعر البوفيه المفتوح لمطاعم الأربع نجوم 2250 ليرة، وللثلاث نجوم 1800 ليرة، ولمطاعم النجمتين 1500 ليرة).
وبالنسبة لوجبات الفطور في البوفيه المفتوح (لمطاعم الأربع نجوم 1100 ليرة، والثلاث نجوم 900 ليرة، والنجمتين750 ليرة".
ونص القرار أن (يتضمن البوفيه المفتوح بالغداء أو العشاء على الأقل: /10-12/ نوع مقبلات باردة، /4-6/ أنواع سلطات مكونات مختلفة، /2-3/ لحومات باردة، شوربة، 2-3 أنواع مقبلات ساخنة، ماء، نوع واحد من المشروبات غير الكحولية، والأطباق الرئيسية: خمسة أنواع (دجاج لحمة سمك شرقي) مع البطاطا والخضرة، إضافة إلى المرافقات: رز فريكة.
كما نشرت وسائل الإعلام المحلية مؤخراً تأكيد وزارة السياحة أن هناك دراسة خاصة لتحديد أسعار السندويش في مطاعم الوجبات السريعة، حيث تشمل نسبة الزيادة لحم الدجاج في الفئة الأولى 200% و190% للثانية و225% للحم الغنم في الفئة الأولى و200% في الثانية و300% بـ280% بالنسبة للحم العجل، حيث من المتوقع أن تطبق هذه النسب مطلع آب القادم.
سوق الملابس بلا رقيب
أما سوق الملابس، فكانت ضربة قاسية على العائلات، وخاصة النازحة منها إلى دمشق، حيث تعيش أسواق الملابس على وجه التحديد حالة من الارتفاع الكبير، وبالذات ملابس الأطفال، رغم قلة الموديلات ورداءة صناعتها، وتصل تكلفة فستان لعمر سنة أو سنتين إلى 3 آلاف ليرة في أسواق شعبية مثل سوق الشيخ محي الدين، في حين يبلغ سعر البنطال لطفل بعمر 6 سنوات 1500 ليرة، وسعر الكنزة لا يقل عن ألف ليرة، كما تعتبر ملابس الأطفال الرضع مرتفعة الثمن كذلك، إذ يبلغ سعر الثوب الواحد 1200 ليرة من المحلات العادية، ويصل إلى 3 آلاف ليرة في محال الماركات.
وفيما يتعلق بالملابس الرجالية فيباع بنطال الجينز في سوق مساكن برزة بسعر 2000 ليرة وسطياً، بينما يباع في سوق الصالحية بسعر 3000-4000 أو أكثر، بينما يبلغ سعر القميص الرجالي 2000 ليرة سورية، والحذاء الرياضي بسعر يبدأ من 2500 ليرة ويصل إلى 8 آلاف ليرة، بينما تباع الملابس النسائية بأسعار تبدأ من 3 آلاف ليرة للكنزة، و4 آلاف أو 3 آلاف للبنطال، و2000 ليرة للحذاء، في حين طغت الأسعار المرتفعة على الحقائب النسائية والتي تباع بأسعار تبدأ من 3 آلاف، وتصل إلى 12 ألف في محال الماركات..
ومن ناحية أخرى، يلاحظ بشدة على واجهات المحال في مختلف الأسواق، ملصقات وعبارات الرخص والعروض المغرية، إلا أن أياً من تلك العروض أو الرخص ليس بالحقيقي، فالأسعار مرتفعة حتى مع تلك العروض، والرقابة في منأى عن أي تواجد لها أو أثر.